(٢) اللِّسان والتَّاج (نبط) ويظهر أنَّ الشِّعر المُسَمَّى النَّبطيّ المعروف في نجد منسوب إلى هؤلاء؛ لأنَّه ليس بعربي فصيح، فهو أشبه بشعر هَؤلَاءِ القَوْمِ، ويُسَمَّى الشِّعْرَ الشَّعْبِيَّ، والشَّعْرَ العَامِيَّ والصَّحِيحُ أنَّه الشِّعْرُ العَامِيُّ؛ لأنَّه شِعْرُ العَوَّامِ غَيرِ الفُصَحَاءِ؛ وَهُوَ - في جُمْلَتِهِ - كَلَامٌ جيّدٌ مُحْكَمٌ مَلِيءٌ بالصُّوَر والأَخْيِلَةِ والتَّشْبِيهَاتِ الدُّقَيقَة الصَّائِبَةِ، فيه من الحِكَمِ والمَوَاعِظِ وَدِقَّةِ التَّعْبِيرِ وَجَوْدَةِ الأدَاءِ مَا في الشِّعْرِ العَرَبِيِّ الفَصِيحِ؛ لكِنْ لَا يَفْهَمُهُ بِلَهْجَتِهِ النَّجْدِيَّةِ القَدِيمَةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا إلا مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بحَيَاةِ أَهْلِهَا وَتَارِيخِهِم وَأَيَّامِهِمْ وَحُرُوْبِهِم وَجَمِيع مُعْطَيَاتِ عَصْرِهِمْ، لكنَّ الاهْتِمَامِ بِهَذَا الشِّعْر رِوَايَةَ وَدِرَاسَةً لَا يَنْبَغي أَن يَكُوْنَ عَلَى حِسَابِ شِعْرِنَا العَرَبِيِّ الأصِيلِ، وَلُغَتَنَا العَرَبِيَّةِ الفُصْحَى، فالاهْتِمَامُ بهِمَا مَعًا نُوْرٌ عَلَى نُوْرٍ والمُتَذَوِّقُوْنَ لَه كَثيرٌ، وَلَا يُعَابُوْنَ بِذلِكَ، ولا يَنْبَغِي أَنْ تُسَاءَ بهم الظُّنُون، وَأَنَا من المُتَذَوِّقِينَ لِهَذَا الشِّعْرِ، الكَلِفِينَ بِهِ، المُحِبِّينَ لَهُ، أَرْويهِ وَأَحْفَظَهُ وَأَحُثُّ على حِفْظِه وَتَذَوُّقِهِ للتَّأثُّرِ بِمَا فيه من مَكَارِمِ الأخْلَاقِ كالشَّهَامَةِ والشَّجَاعَةِ .. وإِنْ كَانَ اهْتِمَامِي بشعرِ الفُصْحَى أَضْعَافَ ذلِكَ وللهِ المِنَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute