للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِمْسَاكٌ عَنِ الكَلَامِ وَبِذلِكَ فُسِّرَ [قَوْلُهُ تَعَالى] (١): {نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} ويُقَالُ صَامَ الفَرَسُ: إِذَا وَقَفَ وأَمْسَكَ عَنِ المَرْعَى (٢)، وصَامَ النَّهَارُ: إِذَا قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ.

- و"الفِطْرُ" مِنْ فَطَرْتُ الشَّيءَ؛ إِذَا ابْتَدَأْتُهُ، كَأَنَّه ابتَدَأَ حَالِةً أُخْرَى غَيرَ الصِّيَامِ، وَمِنْهُ خَبَرُ ابنِ عَبَّاسٍ: كُنْتُ لا أَدْرِي مَا مَعْنَى "فَاطِر" حَتَّى اختَصَمَ إلَيَّ أَعْرَابِيَّانِ في بِئرٍ، فقَال أَحَدُهُمَا: أَنَا فَطَرْتُهَا أَي: ابْتَدَأْتُهَا. وَبِهِ فَسَّر قَوْلَهُ [تَعَالى] (٣): {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} أَي: مُبْتَدِؤُهَا، وَمِنْهُ فَطِيرُ الخُبْزِ؛ لأنَّه استُعْجِلَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ.

- وَ"رَمَضَانَ" مِنَ الرَّمْضِ وهو أَنْ تَحْتَرِقَ الرِّجْلَان من شِدَّة الحَرِّ. ويُقَالُ لِلْحِجَارَةِ المَحْمِيّةِ مِنَ الشَّمْسِ: رَمْضَاءُ، وَسُمِّيَ رَمَضَانُ بذلِكَ وإِنْ كَانَ يَكُوْنُ في أَشْهُرِ الحَرِّ والبَرْدِ؛ لأنَّ فَرْضَ صِيَامِهِ (٤) نزلَ في أَشْهُرِ الحَرِّ فَلَزِمَتْهُ الإسْمِيّةَ ولَمْ تَنْتَقِلْ بانتِقَالِهِ، كَمَا سُمِّيَتْ سَائِرُ الشُّهُوْرِ بِمَعَانٍ وَقَعَتْ في وَقْتِ التَّسْمِيَةِ، ثُمَّ لَزِمَتْ، وجَمْعُ رَمَضَان: رَمَضَانَاتٌ ورَمَضَانين ورِمَاضٌ وأَرْمِضَةٌ (٥) على


(١) سورة مريم، الآية: ٢٦.
(٢) كذا؟ ولعلها "الجري".
(٣) سورة فاطر، الآية: ١. وخبر ابن عباس في معاين القرآن وإعرابه للزَّجَّاج (٤/ ٢٦١)، والمحرَّر الوجيز (١٢/ ٢١٢)، وزاد المسير (٦/ ٤٧٢) ... وغيرها.
(٤) يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُوْلُ: لأنَّ وَقْتَ تَسْمِيَتِهِ كَانَ في وَقْتٍ شَدِيدِ الحَرِّ؛ لأن جُمَادَى الأُوْلى والآخرة سمِّيَا في وقتٍ شَدِيدِ البَرْدِ .. والشَّهْرُ مُسَمّى رَمَضَانَ قَبْلَ فَرْضِ صِيَامِهِ، فَلَا يَكُوْنُ فَرْضُ صِيَامِهِ عِلةَ تَسْمِيَتِهِ؟ ! .
(٥) جاء في اللِّسان (رمض): "ورَمَضَانُ مِن أَسْمَاءِ الشُّهُوْرِ مَعْرُوفٌ، والجَمْعُ رَمَضَانَاتٌ وَرَمَضَانَينُ وَأَرْمَضَاءُ وَأَرْمِضَةٌ وَأَرْمُضٌ عن بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَلَيسَ بِثبتٍ. قَال المُطَرِّزُ: وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَكْرَهُ أَنْ يُجْمَعَ رَمَضَانُ، وَيَقُوْلُ: بَلَغَنِي أنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، =