للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا بَينَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ. والظَبْيُ الحَاقِفُ: الَّذِي انْضمَّ إلى حُقْفٍ مِنَ الرَّمْلِ يَستَظِلُّ بِهِ. وَقَال أَبُو عُبَيدٍ (١): الحَاقِفُ: الوَاقِفُ المُنْحَنِي، وَكُلُّ مُنْحَرِفٍ مُحْقَوْقِفٌ، ولَيسَ لَهُ فِعْلٌ ثُلاثِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ، إِنَّمَا يُقَالُ: احْقَوْقَفَ فَكَأنَّهُ جَاءَ عَلَى حَذْفِ الزِّيَادَة أَوْ عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ كَمَا قَالُوا: رَامِحٌ ونَاشِبٌ ودَارعٌ، أَي: ذُو دِرْعٍ، ورُمْحٍ، ونَشَّابٍ، ولا فِعْلَ لِشَيءٍ مِنْهَا.

- وَقَوْلُهُ: "لَا يَرِيبهُ أحَدٌ". كَذَا وَقَعَتِ الرِّوَايَةُ، والتقدِيرُ: لِئَلَّا يَرِيبَهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا حُذِفَتْ "أَنْ" النَّاصِبَةُ لِلْفِعْلِ اخْتِصَارًا ارْتَفَعَ الفِعْلُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (٢): {قُلْ أَفَغَيرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} وحُكِيَ عَنِ العَرَبِ: "مُرْهُ يَجْهَرُ


= مَكَّةَ من المَدينةِ بينها وبَينَ الرُّوَيثَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِيلًا، وبَينَ الرُّوَيثَةِ والمَدِينةِ أَحَدٌ وعشرون فَرْسَخًا، وعلى ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ منها مَسْجِدُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يدعى مَسْجِدُ العَرْجِ قَال البُخَارِيُّ: هَذَا المَسْجِدُ في طَرَفِ تَلْعَةٍ من وَرَاءِ العَرْجِ بَينَ السَّلَمَاتِ". وفي الرَّوض المعْطَارِ ذَكَرَ أن الشَّاعرَ العَرْجِي يُنْسَبُ إليها، والصَّحِيحُ أَنه يُنْسَبُ إِلَى عَرْجِ الطَّائِف، وَهُوَ غَيرُ هَذَا. وَقَدْ تَقَدَّم ذِكْرُهُ.
(١) غريبُ الحديثِ لأبي عُبَيدٍ (٢/ ١٨٨، ١٨٩)، وأَنْشَد لِلْعَجَّاجِ [ديوانه: ٢/ ٢٣٢]
مَرَّ الليالي زُلفا فَزُلَفَا
سَمَاوةَ الهِلالِ حَتَّى احْقَوْقَفَا
وَرَأَيتُ تَعْلِيقَةً في هامش ورقة (٣٨) من كتاب في غريب الحديث لأندلسي مَجْهُوْلٍ جاء فيها: "وفي الحديث: "فَإِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ" قال ابنُ الأنْبَارِيِّ: أي نَائِمٌ قَد انْحَنَى في نومه يُقَالُ: احقوقف الشَّيءُ: إِذَا مَال واعْوَجَّ، زلفًا فَزُلَفَا أي: سَنةً بعْدَ سَنَةٍ ووقتًا بَعْدَ وَقْتٍ، والزُّلَفُ: ساعَاتُ اللَّيلِ الزَّاهِرَةُ ... ".
(٢) سورة الزُّمر، الآية: ٦٤.