للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَدُوْنَ الهَرْوَلَةِ، ويُحَرِّكُ المَاشِي فيه مَنكبَيهِ وجَنْبَيهِ لِشِدَّةِ جَرْيِهِ، وهَذَا هُوَ المُرَادُ بِقَوْلهِ: "إِذَا طَافَ بالبَيتِ سَعَى الأشْوَاطَ الثَّلاثَةَ" جَمْعُ شَوْطٍ وَهُوَ الطَّلَقُ، والمُرَادُ بِهَا هَا هُنَا الأطْوَافُ، وَهُوَ جَمْعُ طَوْفٍ وَهُوَ مَصْدَر بِمَعْنَى الطَّوَافِ، جُمِعَ لاخْتِلافِ أَنْوَاعِهِ؛ لأنَّ مِنْهُ مَا يُرْمَلُ فِيهِ، وَمَا لَا يُرْمَلُ.

- وَقَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إلا أنْتَ" [١٠٩]. كَذَا الرِّوَايَةُ، والوَجْهُ فيه: "لَا هُمَّ ... " لأنَّهُمَا بَيتَانِ مِنْ مَشْطُوْرِ الرَّجَزِ (١) عَلَى مَذْهَبِ الأخْفَشِ، وَبَيتَانِ مِنَ السَّرِيع عَلَى مَذْهَبِ الخَلِيلِ، وَلَا تُخْرِجُهُ الزِّيَادَةُ فِيهِ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ شِعْرًا مَخْزُوْمًا، وَمَعْنَى المَخْزُوْمِ: أَنْ تَكُوْنَ في أَوَّلِهِ زِيَادَةٌ لَا يَتَّزِنُ البَيتُ إِلَّا بإِسْقَاطِهَا كَقَوْلِ طَرَفَةَ (٢):

هَلْ تَذْكُرُوْنَ إِذَا نُقَاتِلُكُمْ ... لَا يَضُرُّ مُعدِمًا عَدَمُهْ

فَهَذَا لَا يَتَّزِنُ إِلَّا بإِسْقَاطِ "هَلْ" فَإِنْ كَانَ في أَوَّلِ البَيتِ نَقْصٌ وَنُقْصَا [نٌ] سَمَّوْهُ مَخْرُوْمًا (٣) بالرَّاءِ المِهْمَلَةِ، يَقُوْلُ امْرُؤُ القَيسِ:

* دع عَنْكَ نَهْبًا ... * (٤)


(١) هُمَا كَمَا جَاءَ في "المُوَطَّأ":
اللهُمَ لَا إِلَهَ إلا أَنْتَا ... وَأَنْتَ تُحْيي بَعْدَمِا أَمَتَّا
(٢) ديوانه (١١٩)، والمعاني الكبير (٥٠٠).
(٣) قال التّنوخِيّ في كتاب القوافي (٦٩): "يَتَوَهَّمُ العَامَّةُ أَنَّ كُلَّ نَقْصٍ يُوْجَدُ في أَوَّلِ كُلِّ بَيتٍ خَرْمٌ، وليس الأمْر كذلِكَ، وإِنَّمَا الخَرْمُ: إِسْقَاطُ الحَرْفِ الأوَّلِ من الجزء الأوَّلِ فيما هو مبنيٌّ على الأوْتَادِ المَجْمُوْعَةِ، وذلِكَ يكونُ في خمسةِ أَوزانٍ من العَرُوْضِ الطَّويل، والوَافِر، وَالهَزَج، والمُضَارع، والمُتَقَارب ... ".
(٤) ديوانه (٩٤) والبَيتُ بتَمَامِهِ: =