للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُشَرَّقُ فِيهَا (١) هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَقِيلَ سُمِّيَتْ (٢) بذلِكَ؛ لأنَّهُمْ كَانُوا لَا يَنْحَرُوْنَ الهَدْيَ ولا يُضَحُّوْنَ إلَّا بَعْدَ شُرُوْق الشَّمْسِ أَي: طُلُوْعُهَا يُقَالُ: شَرَقَتِ الشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ، وأَشْرَقَتْ: إِذَا أَضَاءَت وَصَفَتْ (٣). وقِيلَ (٤): سُمِّيَتْ بذلِكَ لبُرُوْزِهِمْ [وَخُرُوْجِهِمْ مِنَ الأبنيَةِ لِلْحَجِّ وَمِنْهُ قِيلَ] لِمُصَلَّى [العِيدِ]: المُشَرَّقُ (٥). وقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذلِكَ لأنَّهُمْ كَانُوا يَقُوْلُوْنَ في الجَاهِلِيّةِ: "أَشْرِقْ ثَبِير كَيمَا نُغِير" (٦).

وهَذَا غَيرُ صَحِيحِ؛ لأنَّهُمْ كَانُوا يَقُوْلُوْنَ ذلِكَ عِنْدَ وُقُوْفِهِمْ بِعَرَفَةَ، ويَعْنُوْنَ بالإغَارَةِ: الإفَاضَة، يُقَالُ: أَغَارَ في عَدْوهِ: إِذَا جَدَّ.


(١) أي تقطع.
(٢) في الأصل: "سُمى".
(٣) يراجع: فعلت وأفعلت للزَّجاج (٥٥)، وما جاء على فعلت وأفعلت للجَوَالِيقِيِّ (٤٩)، قال: شَرَقَت الشمسُ وَأَشْرَقْتْ: أَضَاءَتْ. وشَرَقَتْ: طَلَعَتْ ويُراجع أيضًا: الكتاب (٤/ ٥٦)، واللِّسان والتَّاج: (شرق) وزاد في اللِّسان وغيره: "شرقت" إِذَا غَابَتْ أَوْ دَنَتْ للمَغِيبِ.
(٤) قاله أَبُو جَعْفَرِ محمدُ بنُ عَلِيٍّ، كَذَا قَال اليَفْرَني في "الاقتضاب".
(٥) وفي حديثِ مَسْرُوْقٍ رحمه الله "انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مُشرقِكُمْ" يعني المُصَلَّى، وَسَأَلَ أَعْرَابِيٌّ رَجُلًا فَقَال: أَينَ مَنْزِلُ المُشَرَّقِ؟ يعني الذي يصلى فيه العِيدُ، وَيُقَالُ لِمَسْجِدِ الخِيف بمنًى المُشَرقُ. وكذلِكَ لِسُوْقِ عُكَاظَ الَّذِي في الطَّائِفِ. وروى شُعْبَة أنَّ سِمَاكَ بنَ حَرْبٍ قَال لَهُ يومَ عِيدِ اذْهَبْ بِنَا إلى المُشَرقِ، يعني: المُصَلَّى .. يُراجع: النّهاية (٢/ ٤٦٤)، واللِّسان (شرق) ... وغيرهما.
(٦) هذَا قولٌ مشهورٌ عن العَرَبِ في الجاهِليَّة، فَخَالفَهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ صَارَ هَذَا القَوْلُ مَثَلًا يُضرَبُ في الإسْرَاعِ والعَجَلَةِ، يُراجعْ مَجْمعُ الأمْثالِ (٢/ ١٥٨).