للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي "العَصَا" وَجْهٌ آخَرُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ كنَايَةً عَنْ كَثْرَةِ السَّفَرِ (١) وَفِي بَعضِ الرِّوَايَاتِ في غَيرِ "المُوَطَّأ": "قَسْقَاسَتَه" (٢) و"قَشْقَاشَتَه" وَهِيَ العَصَا؛ لأنَّه يَقِسُّ بِها الدَّابَّةَ، أَي يَسُوْقُها بِها، ولأنَّ لِحَاءها تَقْشْقَشَ عَنْها أَي: تَقَشَّرَ، والعَامَّةُ تَقُوْلُ: كِسْكَاسَةٌ.

- و [قَوْلُهُ: "أمَّا مُعَاويةُ فَصعلُوْكٌ"]. الصُّعلُوْكُ (٣): الَّذِي يَعِيشُ مِنَ الإغَارَةِ، وَلَا مَال لَهُ، يُقَالُ: تَصعلَكَ: إِذَا فَعَلَ ذلِكَ، وَهُوَ في حَدِيثِ فَاطِمَةَ: الفَقِيرُ خَاصَّة. قَال الخَطَّابِيُّ (٤): فِي قَوْلهِ "اعتَدِّي عِنْدَ [عَبْدِ اللهِ] بنِ أُمَّ مَكْتُوْمٍ" إِيجَابُ السُّكْنَى لَها. فَذَهبَ ذلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ وَقَالتْ: لَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى؟ !


(١) كذلك قالت العَرَبُ: "ألقى عَصَا التِّسيار".
(٢) جَاءَ في اللِّسان (قسس) القسقاسُ: العَصَا، وأورد الحَدِيثَ. ويُراجع: النِّهاية (٤/ ٦١). وقال اليَفْرُنيُّ في "الاقتضاب": "وصَحَّفَهُ قاسمٌ فقال: قَشْقَاشَتَهُ بالشِّين المُعجَمَة". وقاسم هو قاسم بن ثابت السَّرقُسطي صاحب كتاب "الدَّلائل في غريب الحديث" وهو كتاب عظيم جدًّا جليل القدر، قدم الأستاذ الدُّكتور شاكر الفحَّام دراسة جيِّدة له، وتعريفًا بالموجود من نسخِة فلعله إن شاء الله على عزم لإخراجه فهو خيرُ من يَتَوَلَّاه جَزَاهُ اللهُ خَيرًا. ومَا رَوَاهُ ثابتٌ لُغَةٌ أُخْرَى في القَسْقَاسَةِ تُقَالُ بالسِّين والشين. وقد تقدَّم التَّعريف بثابت وبكتابه "الدَّلائل" في الجزء الأول. بأوسع من هذَا.
(٣) هذِهِ الفَقْرَةُ مكتوبةٌ على الهامش وقبلها كَلِمَتَان لم أتبَين مَعنَاهما لفظهما هكَذَا: "وبعتناها يزوبرها".
(٤) هُوَ أَبُو سُلَيمَان حمدُ بنُ محَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيم البسْتِيُّ الخَطَّابِيُّ (ت ٣٨٨ هـ) صاحب "غريب الحديث" و"شرح البخاري"، و"شرح السُّنن" وغيرها عَلَّامةٌ، مُحَدِّثٌ، لُغَويٌّ مُجِيدٌ. أَخْبَارُهُ في: الأنْسَاب (٥/ ١٥٨)، ومُعجم الأدباء (١٠/ ٢٦٨)، وإنباهُ الرُّواه (١/ ١٢٥)، وطبقات الشَّافعيّة (٣/ ٢٨٢)، والنُّجوم الزَّاهرة (٤/ ١١٩)، وشذرات الذَّهب (٣/ ١٢٧) وغيرها.