للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضَعِّفُ لَهَا الرِّبْحَ مِنْ مَالِ عَمْرٍو، ويُوهِمُهَا أَنَّه رَبِحَ، فَلَمَّا اطْمَأَنَّ إِلَيهَا أَتَاهَا بالجِمَالِ عَلَيهَا الصَّنَادِيقُ فِيهَا الرِّجالُ عَلَيهِمُ السِّلاحُ، وَتَقَدَّمَ إِلَيهَا وَقَال: اصْعَدِي وَانْظُرِي "قَدْ جِئْتُكَ بِمَا صَآىْ وَصَمَتْ" (١)، أَي: مِمَّا يَتَكَلَّمُ وَمَا لَا يَتكَلَّمُ، فَنَظَرْتْ إِلَى الجِمَالِ تَمْشِي مَشْيًا ضَعِيفًا لِثقَلِ مَا عَلَيهَا، فَقَالتْ:

* مَا لِلْجِمَالِ مَشْيَهَا وَئِيدًا *

... الأبْيَات (٢). ثُمَّ رَأَتْ قِطْعَةً مِنْهَا، وَفِيهَا عَمْرُو بنُ عَدِيٍّ قَدْ تَرَكَتِ الطَّرِيقَ فَأَخَذَتْ نحوَ الغَارِ فَقَالتْ: "عَسَى الغُوَيرُ أَبْؤسًا" أَي: عَسَى الغَارُ الَّذِي اتَّخَذْنَاهُ للنَّجَاة سَيَأْتِينَا المَكْرُوْهُ مِنْ قِبَلِهِ، وَدَخَلَتِ الجِمَالُ إِلَى القَصْرِ، فَفُتِحَتِ الصَّنَادِيقُ وخَرَجَ الرِّجَالُ فَفَرَّتْ إِلَى الغَارِ، فَأَلْفَتْ فيه عَمْرَو بنَ عَدِيٍّ وَبِيَدِهِ السَّيفُ، فَقَالتْ (٣): "بِيَدِي لَا بِيَدِ عَمْرٍو" فَمَصَّتْ خَاتَمَهَا فَمَاتَتْ، فَصَارَ قَوْلُهَا مَثَلًا لُكُلِّ


(١) هَذَا مَثَلٌ أَيضًا يُراجع: أمثال أبي عكرمة (٦٦)، وأمثال أبي عُبيد (١٨٧)، وشرحه فصل المقال (٢٧٩)، وجمهرة الأمثال (١/ ٣٢٠)، ومجمع الأمثال (١/ ١٧٩)، والمستقصى (٢/ ٤٢)، واللِّسان (صأي) والذي صَأي: الشَّاء والإبل ونحوهما، والَّذي صَمَتَ: الذَّهب والفضة ونحوهما.
(٢) بعده:
أَجَنْدَلًا يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدًا
أَمْ سَرَفَانًا بَارِدًا شَدِيدًا
فَأَجَابَهَا قَصِيرٌ:
بَلِ الرِّجَالُ جُثَّمًا قُعُوْدًا
والأبياتُ في مَصَادِرَ الخَبَرِ السَّابقِ في المَثَلِ (عسَى الغُوَيرُ أَبؤسًا) وغيرها.
(٣) يُراجع: أَمْثَال أبي عكرمة (٦٦)، وجمهرة الأمثال (١/ ٢٢٦) وغيرهما.