للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المُزَارَعَةُ، واشْتِقَاقُهَا من الخَبْرِ وَهُوَ النَّصِيبُ، وقَال ابنُ الأعْرَابِيِّ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ خَيبَر؛ لأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَقَرَّهَا بِأَيدِيهِمْ مُزَارَعَةً، فَسُمِّيَتْ كُلُّ مُزَارَعَةٍ مُخَابَرَةً.

ويُقَالُ: مَنَحَ يَمْنَحُ، وَقَوْلُهُ: "يَمْنَحُ أَحَدُكُم أَخَاهُ خَيرٌ لَهُ" كَذَا رَوَاهُ طَاوُوْسُ (١).

عَنِ ابنِ عَبَّاس، وَكَانَ الوجْهُ: "أَنْ يَمْنَحَ" "أَنْ" مَعَ الفِعْلِ [فِي] تَأْويلِ المَصْدَرِ المُبْتَدَأُ، وَخَيرٌ: خَبَرُهُ فَيَكُوْنُ [كَـ] قَوْلِهِ [تَعَالى] (٢): {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ} وَإِنَّمَا جَازَ أَنْ يُبْدَأَ بالفِعْلِ ويُخْبَرُ عَنْهُ لِمَا بَينَ الفِعْلِ المُضَارعِ واسمِ الفَاعِلِ مِنَ المُشَابَهَةِ، ولأ [نَّ] "أَنْ" مَنْويَّةٌ في الكَلامِ، ويظْهَرُ هَذا [فِي قَوْلهِمْ]: "تَسْمَعُ بِالمُعَيدِيِّ خَيرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ" (٣) وَكَانَ الوَجْهُ: أَنْ تَسْمَعَ. وَقَدْ رُويَ الوَجْهَانُ جَمِيعًا (٤)


(١) طَاوُوسُ بنُ كَيسَان الخَوْلانِيُّ الهَمْدَانِيُّ بِالوَلاءِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَحَدُ التَّابِعِينَ الزُّهَّاد، كَانَ فَقِيهًا رَاويًا لِلْحَدِيثِ، وَاعِظًا، أَصْلُهُ من الفُرْسِ، وَسَكَنَ اليَمَنَ، مَاتَ بمَكَّةَ بمنًى أَوْ بِالمُزْدَلِفَةِ حَاجًّا سَنَةَ (١٠٦ هـ) صَلَّى عَلَيه هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ. أخباره في طبقات ابن سعد (٥/ ٥٣٧)، وتاريخ البُخاري (الكبير) (٤/ ٣٦٥)، والجرح والتعديل (٤/ ٥٠٠)، وتهذيب الكمال (١٣/ ٣٧٥)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٣٨)، والشَّذرات (١/ ١٣٣).
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٨٤.
(٣) مَثَلٌ للعَرَبِ مَشْهُوْرٌ قَدِيمٌ، له قِصَّةٌ مُفَصَّلةٌ في مصادره، منها أمثال أبي عُبَيدٍ (٩٧)، وشرحه "فصل المقال"، وجمهرة الأمثال (١/ ٢٦٦)، ومجمع الأمثال ... وهو من شواهد النَّحويين، يُراجع الكتاب (٤/ ٤٤)، والخصائص (٢/ ٣٧٠، ٤٣٤)، وشرح الكافية للرضي (١/ ٢٥٥، ٢/ ٢٤٨)، وأوضح المسالك (١/ ١٣١, ٣/ ١٨٥) , وخزانة الأدب (١/ ٣١٢, ٢/ ١٤, ٥/ ٣٦٤، ٦/ ٥٥٦).
(٤) بعد هذِهِ ذكر النَّاسخُ (بقية شرح كتاب الأقْضِيَةِ) وأعدته إلى مكانه اللائق حسب تسلسل الأبواب. وأشرت إلى ذلك فيما سبق.