للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِذَا أَخذَ بالدَّينِ. قَال أَبُو عُبَيدٍ (١): المُعْرِضُ: الَّذِي يُعْتَرِضُ النَّاسَ فَيَسْتَدِين مِمَّنْ أَمْكَنَهُ، قَال: وكلُّ شَيءٍ أَمْكَنَكَ مِنْ عِرْضِهِ فَهُوَ مُعْرِضٌ، حَكَى ذلِكَ عَنِ الأصْمَعِيِّ (٢). قَال ابنُ قُتيبَةَ (٣): لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُجِيزُ: أَعْرَضَ فُلَانٌ النَّاسَ: إِذَا اعْتَرَضَهُمْ، إِنَّمَا يُقَالُ: اعْتَرَضَهُمْ واسْتَعْرَضَهُمْ قَال: وَقَوْلُ الأصْمَعِيِّ: كُلُّ شَيءٍ أَمْكَنَكَ مِنْ عِرْضِهِ فَهُوَ مُعْرِضٌ فَلَيسَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ حَدِيثُ الأُسَيفِعِ (٤) عَلَيهِ، والوَجْهُ في حَدِيثِ الأُسَيفِعِ: اسْتَدَانَ مُعْرِضًا عَنِ القَضَاءِ وَعَنِ النَّظَرِ في العَاقِبَةِ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ مُعْتَرِضًا فَسَقَطَتْ التَّاءُ لِبَعْضِ النَّقَلَةِ.

قَال (ش): إِنَّ مُعْرِضًا بمَعْنَى اسْتَعْرَضَ، كَمَا يُقَالُ: أَوْقَدَ وَاسْتَوْقَدَ وأَجَابَ واسْتَجَابَ بِمَعْنًى، وَكَذَلِكَ: أَخْلَفَ واسْتَخْلَفَ: [وأَسْقَى واسْتَقَى] إِذَا اسْتَقَى المَاءَ، قَال الشَّاعِرُ (٥):


(١) غريب الحديث (٣/ ٢٦٩).
(٢) يظهرُ أَنَّه حَكَى ذلِكَ عن أبي زَيدٍ أَيضًا؛ لأنَّ أَبَا عُبَيدٍ رحمه الله صَدَّرَ العَبارَةَ بقولهِ: "قال أَبُو زَيدٍ الأنصاريُّ: قَوْلُهُ: فادَانَ مُعْرِضًا فَاسْتَدَانَ ... " ثُمَّ نَقَلَ عن الأصْمَعِيِّ.
(٣) إصلاحُ الغَلَطِ لابنِ قُتيبَةَ (١٠٣)، وما نَقَلَهُ المُؤَلِّفُ فيه تقديمٌ وتأخيرٌ وزِيَادَةٌ ونقصٌ يسيرٌ.
(٤) الأُسْيفعُ هَذَا هُو أُسَيفِعُ جُهَينَةَ كَمَا جَاءَ في حديث "الموطَّأ" هَذَا. وَذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في الإصابة (١/ ٢٠٠) فلم يذكر من أخباره شَيئًا سِوَى مَا جَاءَ في المُوَطَّأ، وخرَّجه عن الدَّارقطنِيِّ، وابنِ أَبي شَيبَةَ، وَعَبْدِ الرزَّاق، وابنِ عُيَينَةَ.
(٥) هَذَا البيت من قَصِيدَةٍ جَيدةٍ طَويلَةٍ لكعبِ بنِ سَعْد الغَنَويِّ، أوَّلها:
تَقُوْلُ سُلَيمَى مَا لِجِسْمِكَ شَاحِبًا ... كَأَنَكَ يَحْمِيكَ الشَّرَابَ طَبِيبُ
فَقُلْتُ وَلِمْ أَعْيَ الجَوَابَ وَلَمْ أُلِحْ ... وَللْدَّهْرِ في صُمِّ السِّلامِ نَصيبُ =