للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُوَ أَجْنَأ: إِذَا احْدَوْدَبَ وَمَال وانْحَنَى. وأَمَّا يَجْنَى بِغَيرِ هَمْزٍ فَهِيَ الرِّوَايَةُ، والوَجْهُ مَا قُلْنَاهُ، وَلَوْ كَانَ مُخَفَّفُ الهَمْزَةِ مِنْ جَنَأ لَكَانَ يَجْنَا بالألفِ مِثْلَ قَرَأَ يَقْرَا إِذَا خُفِّفَ. وَرُويَ: "يَحْنِي" بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (١) مِنْ حَنَيت عَلَيهِ: إِذَا عَطَفْتَ عَليه، وحَنَيتُ ظَهْرِي أَحْنِيهِ وَحَنَوْتُهُ أَحْنُوهُ (٢). وَرُوي "يُحَانِي عَلَيهَا".

- وَقَوْلُهُ: "إِنَّ الأَخِرَ" [٢]. صَوَابُهُ: قَصْرُ الهَمْزَةِ وكَسْرُ الخَاءِ، وَمَعْنَاهُ: الأرْدَأُ. وَقَوْلُهُ: "إنَّ المَسْأَلَةَ أخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ" أَي: أَرْدَأَهَا وشَرُّهَا. وَرُويَ: "آخِرُ" مَمْدُوْدًا، وَمَعْنَاهُ: إِنَّه إِذَا تَعَوَّدَ المَسْأَلةَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِيَكْتَسِبَ شَيئًا وَلَا لِيَحْتَرِفَ [فِي صِنَاعَةٍ].

ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُوْنَ هَذا اللَّفْظُ لَفْظَ مَاعِز (٣) كِنَايَةً عَنْ نَفْسِهِ، وأَنْ يَكُوْنَ لَفْظَ الرَّاوي كِنَايَةً عَنْ مَاعِزٍ، واسْتَقْبَحِ الرَّاوي أَنْ يَحْكِي قَوْلُهُ؛ إِنِّي: زَنَيتُ.

- وَقَوْلُهُ: "لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ" [٣]. لَمْ يُرِدِ الرِّدَاءَ المَلْبُوْسَ، وإِنَّمَا هُوَ مَثلٌ مَضْرُوْبٌ لِلْوقَايَةِ والسَّتْرِ. وأَصلُهُ أَنَّ العَرَبَ كَانَتْ إِذَا أَجَارَتْ رَجُلًا وَمَنَعَتْهُ


(١) قَال الحَافِظُ ابنُ عَبْدِ البَرِّ: كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ شُيُوْخِنَا عن يَحْيَى، وقَال بَعْضُهُم عنه: بالجيم.
والصَّوابُ فيه عند أهل العلم "يجني" أي يَميل. ويراجع: التمهيد (١٤/ ٣٨٦) وفيه فوائد.
(٢) قَال بَهَاءُ الدِّين مُحَمَّدُ بنُ إبراهيم بن النَّحاسِ الحَلَبِيُّ في مَنْظُومَتِهِ فِيما يُقَالُ بالياءِ والوَاو:
وَحَنَوْتُ مِثْلُ حَنَيتُ عِنْدَ تَعَطُّفِ ... وَدأوْتُ لَهْ كَخَتَلْتُهُ ودَأيتُهُ
قَال في شرحها: قَال أَبُو الطَّيِّب الحَلَبِيُّ رحمه اللهُ: "حَنَوْتُ عَلَيهِ وَحَنَيتُ أَي: عَطَفْتُ ... " يُراجع: الإبدال لأبي الطَّيِّب اللُّغَويِّ (٢/ ٥٠٧)، ونَقَلَ ابنُ النَّحَّاس في شَرْحِهِ عن "الأفْعالِ" للسَّرَقُسْطِيِّ، و"الصَّحاح" للجوهري، و"المُحكم" لا بن سيدة ... وكلامُهُ جَيِّدٌ فليُراجع هُنَاك.
(٣) هو ماعزُ بنُ مَالِكٍ الأَسْلَمِيُّ. الإصابة (٥/ ٧٠٥).