للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوَاقِعَ في الجَاهِلِيَّةِ أَوْجَبَ أَنْ يُنْهَى عَنْهُ في الإسْلَامِ، وَكَانَ قِصَّةُ أُحَيحَةُ مَشْهُوْرَةٌ فِي ذلِكَ الوَقْتِ، فَذَكَرَتِ الأَنْصَارُ ذلِكَ للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ سَبَبًا للنَّهْيِ؛ عُقُوْبَةً لَهُ لاسْتِعْمَالِهِ المِيرَاثَ.

- وَ [قَوْلُهُ: "فَقَال أخْوَالُهُ: كَنَّا أهْلَ ثُمِّهِ وَرَمِّهِ"]. أَهْلُ ثَمِّهِ وَرَمِّهِ؛ أَهْلُ حَضَانَتِهِ وَتَرْبِيَتِهِ، ويُقَالُ (١): ثَمَمْتُ الشَّيءَ وَرَمَمْتُهُ: إِذَا أَصلَحْتُهُ. وَقَال قَوْمٌ: الثَمُّ: الرَّطْبُ، وَالرَّمُّ: اليَابِسُ، أَي: كُنَّا المُسْتَوْلينَ عَلَى أَمْرِهِ كُلِّه؛ لِأَنَّ النَّبْتَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُوْنَ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، فَضُرِبَ مَثَلًا لاسْتِغْرَاقِ الشَّيءِ واسْتِيفَائِهِ، كَمَا يُقَالُ: مَا تَرَكَ لَهُ رَطْبًا وَلَا يَابِسًا، أَي: مَا تَرَكَ لَهُ شَيئًا. ويُرْوَى: "ثَمِّهِ وَرَمِّهِ" وَ"ثُمِّهِ وَرُمِّه" فَمَنْ فَتَحَهُمَا جَعَلَهُمَا مَصْدَرَينِ، وَمَنْ ضمَّهُمَا جَعَلَهُمَا اسْمَينِ. وَيُرْوَى: "عَمَمِّهْ" وَهُوَ الأشْهَرُ، وَ"عُمُمَّهْ " بِضَمِّ العَينِ والمِيمِ الأُوْلَى وتَشْدِيدِ


(١) فصَّل اليَفرُنيُّ في "الاقْتِضَابِ" شَرْحَ هَذ اللَّفظة، وروي عن أَبِي عُبَيدٍ، والجَيَّاني وابنِ المُرَابطِ وغَيرِهِمْ ونَقَلَ عن "مَشَارِقِ القَاضِي عِيَاضٍ" وَلَمْ يُصَرِّحْ بذِكْرِهِ على ما تَجِدُهُ مُفَصَّلًا مُعَلَّقًا عليه بما يَشْفِي -إِنْ شَاءَ الله- في هَامش "الاقْتِضَاب" المذكور. وكلامُ أَبي عُبَيدٍ في غَرِيبِ الحَدِيثِ له (٤/ ٤٠٤). قَال: "المُحَدِّثون هكَذَا يَرْوُوْنَهُ بالضَمِّ وَوَجْهُهُ عِنْدِي بالفَتْحِ". ومِمَّا يُشْبِهُ قِصَّةَ أُحَيحَةَ هَذَا مَا رُويَ أَنَّ هَاشِمًا تَزَوَّجَ سَلْمَى بنتُ زَيدٍ النَّجَّارِيَّةَ بعدَ أُحَيحَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ شَيبَةَ، وتُوفي هَاشِمٌ، وشَبَّ شيبةُ، فانْتَزَعَهُ المُطَلِّبُ من أُمِّهِ فَقَالتْ:
كُنَّا ذَوي ثَمَّهِ وَرَمَّهُ
حَتَّى إِذَا قَامَ على أَتَمَّهْ
انْتَزَعُوْهُ يَافِعًا مِنْ أُمِّهْ
وَغَلَبَ الأَخْوَال حَقُّ عَمِّهْ
يُراجع: الاستذكار (٢٥/ ٢٠٦)، ومشارق الأنوار (١/ ١٣١)، والفائق في غَريب الحديث (١/ ١٥٧).