للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّه مِنْ قَوْلكَ: آذَنْتُ غَيرِي بالأَمْرِ أُوْذِنُهُ: إِذَا أَعْلَمْتُهُ، وَأَوْذِنَ هُوَ بالأمْرِ: إِذَا أُعْلِمَ بِهِ، وإِذَا كُنْتَ أَنْتَ العَالِمَ بِهِ قُلْتَ: آذَنْتُ بِهِ آذِنُ عَلَى مِثَال: أَعَلِمْتُ أَعْلِمُ.

- وَقَوْلُهُ: "دَمَ (١) صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ" [٢]. فَإِنَّ هَذَا شَكٌّ من الرَّاوي لِلْحَدِيثِ، والصَّحِيحُ: "دَمَ صَاحِبِكُمْ" لأنَّه كَذَا وَقَعَ في حَدِيثِ أَبِي لَيلَى مِنْ غَيرِ شَكٍّ (٢)، والصَّاحِبُ ههنَا أَشْبَهَ؛ لأنَّه إِنَّمَا أَرَادَ القَتِيلَ اتَذِي قُتِلَ لَهُم. وأَمَّا مَنْ رَوَى: "قَاتِلِكُمْ" فَيَنْبَغِي أَنْ يُرِيدَ بِهِ دَمَ الَّذِي قَتَلَ صَاحِبِكُمْ، وَلكِنْ يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُوْلَ: دَمَ قَاتِلِ صَاحِبِكُمْ، فَيُضِيفَ القَاتِلَ إِلَى صَاحِبِكُمْ المَقْتُوْلِ لَا إِلَيهِمْ، وَلكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا طَالِبِين للقَاتِلِ أَضَافَهُ إِلَيهِمْ لِذلِكَ، كَأَنَّه قَال: القَاتِلُ الَّذِي يَطْلُبُوْنَهُ، والعَرَبُ قَدْ تُضِيفُ الشَّيءَ إِلَى الشَّيءِ وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ؛ إِذَا كَانَتْ بَينَهُمَا مُلَابَسَةٌ وعُلْقَةٌ، كَقَوْلهِ [تَعَالى] (٣): {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}: وَلَا مَقَامَ لله، وإِنَّمَا مَعْنَاهُ: مَقَامَهُ بَينَ يَدَي، وَمِثْلُهُ قَوْلُ زْهَيرٍ (٤):

* فَأمْسَى رَهْنُهَا غَلِقَا *

كَذَا رَوَاهُ السُّكَّرِيُّ (٥) فَأَضَافَ إِلَيهَا الرَّهْنَ وَلَيسَ هُوَ لَهَا، إِنَّمَا عَنَى بِهِ قَلبَهُ


(١) في الأصل: "من".
(٢) يَقصُد الحَديث الَّذي قبل هَذَا في "الموطَّأ" نفسه.
(٣) سُورة الرَّحمن، الآية: ٤٦.
(٤) شرح ديوان زهير (٣٣)، والبيتُ بتَمَامِهِ:
وَفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الودَاعِ فَأمْسَى حَبْلَهَا غَلِقَا
وَقَدْ تَقَدَّم ذِكْرُهُ.
(٥) هُوَ أَبُو سَعِيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ بنِ عُبَيدِ الله بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ العَلَاءِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ بن =