للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ} وَمِثْلُهُ قَوْلُ كُثَيِّرٍ (١):

أَسِيئي بِنَا أَوْ أَحْسِنِي لَا مَلُوْمَةٌ ... لَدَينَا وَلَا مَقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ

مَعْنَاهُ: إِنْ أَسَئْتِ أَوْ أَحْسَنْتِ لَمْ أَلُمْكِ؛ لأَنِّي رَاضٍ بِذلِكَ مِنْكِ، وَلَمْ يَأمُرُهَا بِأَنْ تُسِيءَ إِلَيهِ. وَلِلأَمْرِ مَعَانٍ كَثيرَةٌ في كَلَامِ العَرَبِ مِثْلِ الأمْرِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الإيجَابُ، والَّذِي يُرَادُ بِهِ الإبَاحَةُ، والَّذِي يُرَادُ بِهِ الوَعِيدُ، والَّذِي يُرَادُ بِهِ التَّعْجِيزُ، والَّذِي يُرَادُ بِهِ الشَّرْطُ وَغَيرُ ذلِكَ. وَقَدْ نَظَمَ حَبِيبُ بن أَوْسٍ (٢) مَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ فَقَال:

يَعْيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَى بِخَيرٍ ... وَيَبْقَى العُوْدُ مَا بَقِيَ اللَّحَاءُ

فَلَا وَاللهِ ما في العَيشُ خَيرٌ ... وَلَا الدُّنْيَا إِذَا ذهَبَ الحَيَاءُ

إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي ... وَلَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ


(١) ديوانه (١٠١) من قصيدة جيِّدة أَوَّلها في ديوانه:
خَلِيلَيَّ هَذَا رَبْعُ عَزَّةَ فَاعْقِلَا ... قَلُوْصَيكُمَا ثُمَّ ابْكِيَا حَيثُ حَلَّتِ
ويُراجع: المُحكم (٣/ ١٤٤)، والمُوشح (٢٣٤)، وأضداد ابن الأنباري (١٣٥)، وعُيُون الأخبار (٢/ ٣٣٠)، وأمالي ابن الشَّجري (١/ ٧٤، ١٧٧).
(٢) ديوان أبي تمام "حَبيب بن أَوْسِ الطَّائي" (٤٣٣)، من قصيدة قَالهَا في التَّعويض بأحد بني حُمَيدٍ، ونسبت له في لباب الآداب (٢٨٤، ٢٨٦، ٢٨٧) والعقد الفريد (٢/ ٤١٤)، على أنَّ أبا تَمَّام نفسه أوردها في الحماسة من غير نِسْبَةٍ، وَقَد وَرَدَ الثَّاني منهما مَنْسُوبًا إلى جَمِيلِ بنِ المُعَلَّى الفَزَارِيِّ، أَحَدُ بَنِي عَمِيرَةَ بن جُؤَيَّة في المؤتلف والمختلف (٧٢). (عن هامش بهجة المجالس). ويُراجع في قوله: "إِذَا لم تستَحي فاصنع ما شئت" النِّهاية (١/ ٤٧٠)، واللِّسان (حيي) وأمثال أبي عكرمة (٤٧).