للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُصْلحْ بَالكُمْ؛ لأنَّه مِنْ دُعَاءِ الخَوَارِجِ؛ لأنهم لَا يَرَوْنَ الاستِعفَارَ لنا؛ لأنَّنَا عِنْدَهُمْ كُفَّارٌ، وجَوَّزَ مَالك رحمه الله أَنْ يُقَالا (١) معًا.

- و [قَوْلُهُ "إنْ عَطَسَ فَشَمِّتْهُ"] [٤]. يُقَال: شَمَّتُّ العَاطِسَ، وسَمَّتُّهُ - بالسِّين - (٢) يَكُوْنُ مُشْتَقًّا مِنَ السَّمْتِ، وَهُوَ الوَقَارُ وَالجَلالةُ؛ لأنَّه توْقِيرٌ للعَاطِسِ وإِكْرَام لَهُ، وَمَنْ قَال شَمَّتُّهُ فاشْتِقَاقُهُ مِن أَشْمَتَتِ الإبِلُ: إِذَا سَمِنَتْ وَحَسُنَتْ حَالُهَا، فَهُوَ رَاجِع أَيضًا إلى مَعْنَى الإجْلالِ والإعْظَامِ، وإِلَيهِ ذَهَبَ ابنُ الأعْرَابِيِّ. وَقِيلَ: مَعْنَى التشمِيتُ: إِبْعَادُ الشَّمَاتَةِ، قَالهُ ثَعْلَب، وَقِيلَ: هُمَا وَاحِد؛ لأنَّ العَرَبَ قَد تُبْدِلُ الشِّينَ من السِّينِ فَيقُوْلُوْنَ: رَجُل جَعْسُوْس وَجَعْشُوْشٌ للحَقِيرِ (٣). وَقَال الفَارِسِيُّ: السِّينُ هِيَ الأصْلُ، والشِّينُ بَدَلٌ مِنْهَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: إِنَّ العَاطِسَ إِذَا عَطَسَ انْتَفَشَ وتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَإِذَا دَعَا لَهُ فَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ إِلَى سَمْتِهِ وَهَدْيِهِ. وقَال ابنُ جِنِّي (٤): لَوْ جَعَلَ فَاعِلُ الشِّين أَصْلًا وَأَخَذَهُ مِنَ الشَّوَامِتِ وَهِيَ القَوَائِمُ لَكَانَ وَجْهًا صَحِيحًا؛ وذلِكَ أَنَّ القَوَائِمَ هِيَ الَّتِي تَحْمِلُ الفَرسَ وَبِهَا عَظَمَتُهُ فَكَأَنَّهُ إِذَا دَعَا لَهُ فَقَدْ ثَبَّتَ أَمْرَهُ، وأَنْهَضَهُ وأَحْكَمَ دَعَائِمَهُ وأَنْشَدَ (٥):


(١) في الأصل: "أن يقال".
(٢) قال ابنُ الأنْبَارِيِّ في الزَّاهر (٢/ ١٧١): "والشِّين أَعْلَى وأَفْصَحُ"، وقَال ابنُ سِيدَةَ: "والسِّين لُغَةٌ عن يَعْقُوب. وقَال: والشِّين أَعْلَى وأَفْشَى في كَلامِهِمْ"، وفي التَّهذيب قال الأزْهَري: والمُعْجَمَةُ أَعْلاهُمَا، ونَقَلَ عن ثَعْلَبٍ أنَّه قَال: "الأصْل فيها الشين من السَّمْتِ وهو القَصْدُ والهُدَى".
(٣) تهذيب اللُّغة (١/ ٣٣٩).
(٤) في اللِّسان: "شمت". ولم يَنْسِبْهُ إلى ابنِ جِنِّي.
(٥) البيتُ للنَّابِغَةِ الذُّبْيَانِيِّ في ديوانه (١٨) وصدره:
* فارْتَاعَ مِنْ صَوْتِ كَلَّابِ فَبَاتَ لَهُ *