للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعداك عادوا في القليب بجهلهم ... صرعى وقد حرموا الرضا بجفاكا «١»

في يوم بدر قد أتتك ملائك ... من عند ربّك قاتلت أعداكا

والفتح جاءك يوم فتحك مكة ... والنصر في الأحزاب قد وافاكا

هود ويونس من بهاك تجمّلا ... وجمال يوسف من ضياء سناكا

قد فقت يا طه جميع الأنبيا ... نورا فسبحان الذي سوّاكا

والله يا ياسين مثلك لم يكن ... في العالمين وحق من نبّاكا «٢»

عن وصفك الشعراء يا مدثر ... عجزوا وكلّوا عن صفات علاكا «٣»

إنجيل عيسى قد أتى بك مخبرا ... وأتى الكتاب لنا بمدح حلاكا

ماذا يقول المادحون وما عسى ... أن يجمع الكتّاب من معناكا

والله لو أنّ البحار مدادهم ... والعشب أقلام جعلن لذاكا

لم تقدر الثقلان تجمع ذرة ... أبدا وما اسطاعوا له إدراكا

لي فيك قلب مغرم يا سيدي ... وحشاشة محشوة بهواكا

فإذا سكتّ ففيك صمتي كلّه ... وإذا نطقت فمادح علياكا

وإذا سمعت فعنك قولا طيبا ... وإذا نظرت فلا أرى إلّاكا

يا مالكي كن شافعي من فاقتي ... إنّي فقير في الورى لغناكا

يا أكرم الثقلين يا كنز الورى ... جد لي بجودك وارضني برضاكا

أنا طامع في الجود منك ولم يكن ... لابن الخطيب من الأنام سواكا

فعساك تشفع فيه عند حسابه ... فلقد غدا مستمسكا بعراكا «٤»

ولأنت أكرم شافع ومشفع ... ومن التجا لحماك نال وفاكا

فاجعل قراي شفاعة لي في غد ... فعسى أرى في الحشر تحت لواكا

صلّى عليك الله يا خير الورى ... ما حنّ مشتاق إلى مثواكا

وعلى صحابتك الكرام جميعهم ... والتابعين وكل من والاكا

وماذا عسى أن يقول المادحون في وصف من مدحه الله تعالى وأثنى عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم، ولا فخر» ، والله لو أن البحار مداد، والأشجار أقلام، وجميع الخلائق كتّاب لما استطاعوا أن يجمعوا النزر اليسير من بعض صفاته، ولكلّوا عن الإتيان ببعض بعض وصف معجزاته صلى الله عليه وسلم.

ومدح رجل هشام بن عبد الملك، فقال له: يا هذا إنه قد نهي عن مدح الرجل في وجهه، فقال: ما مدحتك، ولكن ذكّرتك نعم الله عليك لتجدد لها شكرا، فقال له هشام: هذا أحسن من المدح، ووصله وأكرمه.

وكتب رجل إلى عبد الله بن يحيى بن خاقان: رأيت نفسي فيما أتعاطى من مدحك كالمخبر عن ضوء النهار الباهر، والقمر الزاهر، وأيقنت أني حيث انتهي من القول منسوب إلى العجز مقصر عن الغاية، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك.

وقال الحارث بن ربيعة في رجل من آل المهلب:

فتى دهره شطران فيما ينوبه ... ففي بأسه شطر وفي جوده شطر

فلا من بغاة الخير في عينه قذى ... ولا من زئير الحرب في أذنه وقر «٥»

وقال أعرابي لرجل: لا يذمّ بلد أنت تأويه، ولا يشتكى زمان أنت فيه. وكان الحجاج يستثقل زياد بن عمرو العكلي، فلما قدم على عبد الملك بن مروان قال: يا أمير

<<  <   >  >>