للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبدا تمص دماءنا فكأنها ... حجّامة لبدت على كاساتها

وبها من النمل السليماني ما ... قد قلّ ذرّ الشمس عن ذراتها

ما راعني شيء سوى وزغانها ... فتعوذوا بالله من لدغاتها «١»

سجعت على أوكارها فظننتها ... ورق الحمام سجعن في شجراتها

وبها زنابير تظن عقاربا ... حر السموم أخف من زفراتها

وبها عقارب كالأقارب رتّع ... فينا حمانا الله لدغ حماتها

كيف السبيل إلى النجاة ولا نجاة ... ولا حياة لمن رأى حيّاتها

منسوجة بالعنكبوت سماؤها ... والأرض قد نسجت على آفاتها

فضجيجها كالرعد في جنباتها ... وترابها كالرمل في خشناتها

والبوم عاكفة على أرجائها ... والدود يبحث في ثرى عرصاتها «٢»

والجنّ تأتيها إذا جنّ الدّجى ... تحكي الخيول الجرد في حملاتها

والنار جزء من تلهّب حرها ... وجهنم تعزى إلى لفحاتها

شاهدت مكتوبا على أرجائها ... ورأيت مسطورا على جنباتها

لا تقربوا منها وخافوها ولا ... تلقوا بأيديكم إلى هلكاتها

أبدا يقول الداخلون ببابها ... يا ربّ نجّ الناس من آفاتها

قالوا إذا ندب الغراب منازلا ... يتفرّق السّكان من ساحاتها

وبدارنا ألفا غراب ناعق ... كذب الرواة فأين صدق رواتها

صبرا لعلّ الله يعقب راحة ... للنفس إذ غلبت على شهواتها

دار تبيت الجنّ تحرس نفسها ... فيها وتندب باختلاف لغاتها

كم بت فيها مفردا والعين من ... شوق الصباح تسح من عبراتها «٣»

وأقول يا ربّ السموات العلا ... يا رازقا للوحش في فلواتها

أسكنتني بجهنّم الدنيا ففي ... أخراي هب لي الخلد في جناتها

واجمع بمن أهواه شملي عاجلا ... يا جامع الأرواح بعد شتاتها

ولبعضهم في بلّان «٤» :

أشكوا إلى الله بلانا «٥» بليت به ... مسّت أنامله ظهري فأدماني

فلا يدلّك تدليكا بمعرفة ... ولا يسرّح تسريحا بإحسان

وللشيخ شمس الدين البدوي في بلّان أيضا:

وبلان له ظهر يباهي ... به حدّ الشفار المرهفات

هرى جسمي فألبسه نجيعا ... على حلل الستور السابلات

ورام يلين أعضائي برفق ... فأيبسها وكسر فوقحاتي «٦»

ولم أنظر له أبدا حميلا ... وذلك من عظيم المهلكات

وأعمى مقلتي بصنان إبط ... يفوح به على كل الجهات «٧»

فلا تجعل إلهي مثل هذا ... يغسّلني إذا حانت وفاتي

ولبعضهم في حمام:

وحمّام دخلناه لأمر ... حكى سقرا وفيها المجرمونا

<<  <   >  >>