وحشية ما لها أنس قد اتخذت ... في بيت خلوتها للذكر ناووسا
إن او مأت تطلب الإنجيل تحسبهم ... قساقسا أو بطاريقا شماميسا
ناديت إذ رحلوا للبين ناقتها ... يا حادي العيس لا تحدو بها العيسا
غيّبت أجناد صبري يوم بينهم ... على الطريق كراديسا كراديسا
ساروا وأصبحت أنعي الربع بعدهمو ... والوجد في القلب لا ينفك مغروسا
وقال آخر:
ولما تبدتّ للرحيل جمالنا ... وجدّ بنا سيّر وفاضت مدامع
تبدّت لنا مذعورة من خبائها ... وناظرها باللؤلؤ الرطب دامع
أشارت بأطراف البنان وودّعت ... وأومت بعينيها متى أنت راجع
فقلت لها والله ما من مسافر ... يسير ويدري ما به الله صانع
فشالت نقاب الحسن من فوق وجهها ... فسالت من الطرف الكحيل مدامع
وقالت إلهي كن لي عليه خليفة ... فيا ربّ ما خابت لديك الودائع
وقال آخر:
يا راحلا وجميل الصبر يتبعه ... هل من سبيل إلى لقياك يتفق
ما أنصفتك دموعي وهي دامية ... ولا وفي لك قلبي وهو يحترق
وقال البغدادي:
قالت وقد نالها للبين أوجعه ... والبين صعب على الأحباب موقعه
إجعل يديك على قلبي فقد ضعفت ... قواه عن حمل ما فيه وأضلعه
واعطف عليّ المطايا ساعة فعسى ... من شقه الهوى بالبين يجمعه
كأنني يوم ولّت حسرة وأسى ... غريق بحر يرى الشاطي ويمنعه
وقال ابن البديري:
قفا حاديا ليلى فإني وامق ... وتعجّلا يوما على من يفارق
وزمّا مطاياها قبيل مسيرها ... ليلتذ منها بالتزود عاشق
ولا تزجرا بالسوق أظعان عيسها ... فإن حبيبي للظعائن سائق
ولما التقينا والغرام يذيبنا ... ونحن كلانا في التفكر غارق
وقفنا ودمع العين يحجب بيننا ... تسارقني في نظرة وأسارق
فلا تسألا ما حلّ بالبين بيننا ... ولا تعجبا أنّا مشوق وشائق
وقال أيضا:
تذكّرت ليلى حين شطّ مزارها «١» ... وعادت منازلها خليات بلقع «٢»
بكرت عليها والقنا يقرع القنا ... وسمر العوالي للمنايا تشرّع
وخالفت لوامي عليها وعذّلي ... وخالفت سهدي والخليّون هجّع
ولم أستطع يوم النوى ردّ عبرة ... فؤادي أسى من حرّها يتقطع
فقال خليلي إذ رأى الدمع دائما ... يفيض دما من مقلتي ليس يدفع
لئن كان هذا الدمع يجري صبابة ... على غير ليلى فهو دمع مضيّع
وقال آخر:
مددت إلى التوديع كفا ضعيفة ... وأخرى على الرمضاء فوق فؤادي
فلا كان هذا آخر العهد منكمو ... ولا كان ذا التوديع آخر زادي
وقال آخر:
ولما وقفنا للوداع عشية ... وطرفي وقلبي دامع وخفوق