يوما تريك خسيس الأصل ترفعه ... إلى العلاء ويوما تخفض العالي
فما أمسى حتى وردت عليه الخلع السنية من المأمون رضي الله عنه، وقال إبراهيم بن عيسى الكاتب في إبراهيم بن المدني حين عزل.
ليهن أبا إسحاق أسباب نعمة ... مجددة بالعزل والعزل أنبل
شهدت لقد منّوا عليك وأحسنوا ... لأنك يوم العزل أعلى وأفضل
وقال آخر:
قد زاد ملك سليمان فعاوده ... والشمس تنحطّ في المجرى وترتفع
وقال أبو بكر الخوارزمي لمعزول: الحمد لله الذي ابتلى في الصغير وهو المال، وعافى في الكبير وهو الحال:
ولا عار إن زالت عن الحر نعمة ... ولكنّ عارا أن يزول التجمّل «١»
وقيل: المال حظ ينقص ثم يزيد، وظل ينحسر ثم يعود. وسئل بزرجمهر عن حاله في نكبته فقال: عولت على أربعة أشياء: أولها أني قلت القضاء والقدر لا بد من جريانهما، الثاني: أني قلت إن لم أصبر فما أصنع، الثالث: أني قلت قد كان يجوز أن يكون أعظم من هذا، الرابع: أني قلت لعل الفرج قريب، والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
الباب السابع والخمسون ما جاء في اليسر بعد العسر والفرج بعد الشدة والفرح والسرور ونحو ذلك مما يتعلق بهذا الباب
فمما يليق بهذا الباب من كتاب الله عز وجل قوله تعالى:
سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
«٢» . وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ٢٨
«٣» . وقوله تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ
وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ
«٤» .
ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كان العسر في حجر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه. وقال عليه الصلاة والسلام: «عند تناهي الشدة يكون الفرج، وعند تضايق البلاء يكون الرخاء» .
وقال علي رضي الله عنه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل عبادة أمتي انتظارها فرج الله تعالى» . وقال الحسن: لما نزل قوله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ٦
«٥» ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبشروا فلن يغلب عسر يسرين» .
ومن كلام الحكماء: إن تيقنت لم يبق هم.
وقال أبو حاتم:
إذا اشتملت على البؤس القلوب ... وضاق بما به الصدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمأنت ... وأرست في مكامنها الخطوب
ولم نر لانكشاف الضرّ وجها ... ولا أغنى بحيلته الأريب «٦»
أتاك على قنوط منك غوث ... يمن به اللطيف المستجيب «٧»
وقال آخر:
عسى الهمّ الذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويغاث عان ... ويأتي أهله النائي الغريب «٨»
وقال آخر:
تصبّر أيها العبد اللبيب ... لعلك بعد صبرك ما تخيب
وكل الحادثات إذا تناهت ... يكون وراءها فرج قريب
وقال إبراهيم بن العباس:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعا وعند الله منها المخرج