للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تغالبوا على بلد ... كان له حظ الأسد

فولدت المختار بن أبي عبيد وذلك في عام الهجرة.

وقال رجل لسعيد بن المسيب: رأيت كأني بلت خلف المقام أربع مرات. قال: كذبت لست صاحب هذه الرؤيا، قال: هو عبد الملك، فقال: يلي أربعة من صلبه الخلافة.

وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: رأيت عليا رضي الله تعالى عنه في المنام فقال لي: ناولني كتبك فناولته إياها فأخذها وبددها فأصبحت أخا كآبة، فأتيت الجعد فأخبرته فقال: سيرفع الله شأنك وينشر علمك.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

من رآني في منامه فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بي، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت كأن رأسي قد قطع وأنا أنظر إليه فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بأي عين كنت تنظر إلى رأسك فلم يلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توفي وأولوا رأسه بنبيه ونظره إليه باتباع سنته.

وقال رجل لعلي بن الحسين: رأيت كأني أبول في يدي، فقال: تحتك محرم فنظروا فإذا بينه وبين امرأته رضاع. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: رأيت كأني نبشت قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضممت عظامه إلى صدري فهالني ذلك فسألت ابن سيرين، فقال: ما ينبغي لأحد من أهل هذا الزمان أن يرى هذه الرؤيا، قلت: أنا رأيتها. قال: إن صدقت رؤياك لتحيين سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة بشارة للمؤمن بما له عند الله من الكرامة في الدنيا والآخرة. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تضرعت إلى ربي سنة أن يريني أبي في النوم حتى رأيته وهو يمسح العرق عن جبينه، فسألته فقال: لولا رحمة الله لهلك أبوك. إنه سألني عن عقال بعير للصدقة، فسمع بذلك عمر بن عبد العزيز فصاح وضرب بيده على رأسه وقال: فعل هذا بالتقي الطاهر فكيف بالمقترف عمر بن عبد العزيز. رضي الله عنهم أجمعين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم.

الباب الحادي والستون في الحيل والخدائع المتوصل بها إلى بلوغ المقاصد والتيقظ والتبصر

الحيلة من فوائد الآراء المحكمة وهي حسنة ما لم يستبح بها محظور، وقد سئل بعض الفقهاء عن الحيل في الفقه فقال: علمكم الله ذلك فإنه قال: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ

«١» وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة، ورّى بغيرها «٢» ، وكان يقول: «الحرب خدعة» .

ولما أراد عمر رضي الله عنه قتل الهرمزان استسقى ماء فأتوه بقدح فيه ماء، فأمسكه في يده واضطرب فقال له عمر لا بأس عليك حتى تشربه، فألقى القدح من يده فأمر عمر بقتله: فقال: أو لم تؤّمني؟ قال: كيف أمنتك. قال: قلت لا بأس عليك حتى تشربه وقولك لا بأس عليك أمان ولم أشربه، فقال عمر: قاتلك الله أخذت مني أمانا ولم أشعر.

وقيل: كان دهاة العرب أربعة، كلهم ولدوا بالطائف:

معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، والسائب بن الأقرع.

وكان يقال: الحاجة تفتح أبواب الحيل. وكان يقال:

ليس العاقل الذي يحتال للأمور إذا وقع فيها، بل العاقل الذي يحتال للأمور أن لا يقع فيها. وقال الضحاك بن مزاحم لنصراني: لو أسلمت، فقال: ما زلت محبا للإسلام إلا أنه يمنعني منه حبي للخمر، فقال: أسلم واشربها، فلما أسلم قال له: قد أسلمت، فإن شربتها حديناك وإن ارتددت قتلناك، فاختر لنفسك، فاختار الإسلام وحسن إسلامه، فأخذه بالحيلة.

وقيل: دليت من السماء سلسلة في أيام داود عليه الصلاة والسلام عند الصخرة التي في وسط بيت المقدس، وكان الناس يتحاكمون عندها فمن مد يده إليها وهو صادق نالها ومن كان كاذبا لم ينلها إلى أن ظهرت فيهم الخديعة، فارتفعت، وذلك أن رجلا أودع رجلا جوهرة، فخبأها في مكانه في عكازة، ثم إن صاحبها طلبها من الذي أودعها عنده فأنكرها، فتحاكما عند السلسلة، فقال المدعي:

اللهم إن كنت صادقا فلتدن مني السلسلة، فدنت منه فمسها، فدفع المدعى عليه العكازة للمدعي وقال: اللهم إن كنت تعلم أني رددت الجوهرة إليه، فلتدن مني السلسلة، فدنت منه فمسّها، فقال الناس: قد سوت السلسلة بين الظالم والمظلوم، فارتفعت بشؤم الخديعة، وأوحى الله تعالى إلى داود عليه الصلاة والسلام: «أن احكم بين الناس بالبينة واليمين» . فبقي ذلك إلى قيام الساعة.

<<  <   >  >>