فما شئت كوني إنّي بك مدنف ... صبور على البلوى شكور وحامد «١»
ومنك تساوى عندي الوصل والجفا ... وفيك لقد هانت عليّ الشدائد
ولو رمت ألوي عن هواك أعنّتي ... لقاد زمامي نحو حبّك قائد
نصبت شراك الحبّ صدت حشاشتي ... فكيف خلاصي والهوى منك صائد
بعدت وقلت البين يسلي أخا الهوى ... وهل يسلي ذا الأشجان هذا التباعد
وما غيّر التفريق ما تعهدينه ... وسوق سلوي في المحبّين كاسد
وجلّ مناي القرب منك وإنّما ... إذا عظم المطلوب قلّ المساعد
وقال عفا الله عنه:
تهدّدني بتبريح وبين ... وتوعدني بتفريق وصد
وتحلف لي لتلبسني سقاما ... تهي جلدي به وتذيب جلدي «٢»
وترميني بنبل من جفون ... فتضنيني وتصميني وتردي «٣»
وتحرقني بنار الصدّ حتى ... تذيب حشاشتي كمدا وكبدي
فقلت لها ودمعي في انسكاب ... يفيض دما على صفحات خدّي
ومن لي أن يقال قتيل وجد ... واذكر في هواك ولو بصدّي
وقال عفا الله عنه:
سلوي عنك شيء ليس يروى ... وحبّي فيك سار مع الركّاب
ولم يمرر سواك على ضميري ... ووجدي فيك أيسره عذابي
ومالك عن سواد العين يوما ... وما لسواد قلبي من حجاب
وما اخضرّت دواعي الشوق إلّا ... هززت إليك أجنحة التصابي
وقال عفا الله عنه:
قفا نبك دارا شطّ عنّا مزارها ... وأنحلنا بعد البعاد أدكارها «٤»
وعوجا بأطلال محتها يد النوى ... فأظلم بالنأي المشت نهارها
فقدنا بها ريما من الإنس إن رنت ... بمقلتها يصمي القلوب أحورارها
تصيد قلوب العاشقين أنيسة ... ويحسن منها صدّها ونفارها
ويهزأ بالأغصان لين قوامها ... إذا مال فوق الغصن منها خمارها
وليس لبدر التمّ قامة قدها ... وما هو إلّا حجلها وسوارها «٥»
منازلها منّي الفؤاد وإن نأى ... عن العين مثواها ففي القلب دارها
يمثّلها بالوهم فكري لناظري ... وأكثر ما يضني النفوس افتكارها
وهيّج دمعي حرّ نار صبابتي ... وما خمدت بالدمع منّي نارها
وساعدني بالأيك ليلا حمائم ... تهاتف شجوا لا يقرّ قرارها
بكين ولم تسفح لهنّ مدامع ... وعينيّ فاضت بالدموع بحارها
ولمؤلفه رحمه الله تعالى، وهو قول ضعيف على قدر حاله لكنه يسأل الواقف عليه من أفضاله ستر ما يراه من عيوبه وإن يدعو له بمغفرة ذنوبه:
نسيم الصبا بلّغ سليمى رسائلي ... بلطف وقل عن حال صبّك سائلي
فقد صار بالأسقام صبّا معذّبا ... قريح جفون من دموع هوامل