صبورا على حر الغرام وبرده ... حليف الضنى لم يصغ يوما لعاذل
يبيت على جمر الغضي متقلّبا ... يئن غراما فارحميه وواصلي
ألا يا سليمى قد أضرّ بي الهوى ... وهاجت بتبريح الغرام بلابلي «١»
رميت بسهم من لحاظك قاتل ... فلم يخط قلبي والحشى ومقاتلي
كتمت غرامي في هواك ولم أبح ... بسر فناحت أدمعي برسائلي
سليمى سلي ما قد جرى لي من النوى ... فقد عاد لي حال له رقّ عاذلي
لعلّ تجودي للكئيب وتسمحي ... بوعد وبعد الوعد إن شئت ماطلي
عسى تنطفي بالوعد ناري وأشتفي ... فبالسقم أعضائي وهت ومفاصلي
خفيت عن العوّاد لولا تأوّهي ... وعظم أنيني لا يراني مسائلي
فرقّي فقد رقّت عداي لذلتي ... وفاضت على حالي عيون عواذلي
قطعت زماني في عسى ولعلّها ... وما فزت في الأيام منك بطائل
فما آن أن ترضي عليّ وترحمي ... ضني جسدي فالوجد لا شك قاتلي
توسّلت بالمختار في جمع شملنا ... نبي له فضل على كل فاضل
وله رحمه الله تعالى:
يا ربّة الحسن من بالصد أوصاكي ... حتى قتلت بفرط الهجر مضناك
ويا فتاة بفتّان القوام سبت ... من في الورى يا ترى بالقتل أفتاك
لقد جننت غراما مذ رأى نظري ... في النوم طيف خيال من محياك
ومذ رآه جفا طيب المنام وقد ... أضحى عليلا حزينا لم يزل باك
عذّبتني بالتجنّي وهو يعذب لي ... فهل ترى تسمحي يوما برؤياك
إن كنت لم تذكرينا بعد فرقتنا ... فالله يعلم أنّا ما نسيناك
ما آن أن تعطفي جودا عليّ فقد ... أضحى فؤادي أسيرا لحظ عيناك
ما كنت أحسب أنّ العشق فيه ضنّى ... ولا عذاب نفوس قبل أهواك
حتى تولّع قلبي بالغرام فما ... أمسى أسيرا سوى في حسن معناك
رقّي لعبدك جودا واعطفي وذري ... ولا تطيلي بحقّ الله جفواك
يا هند رفقا بقلب ذاب فيك أسى ... ومهجة تلفت ما هند أقساك
رقّ العذول لحالي في الهوى ورثى ... وأنت يا هند لا ترثي لمضناك
والله لو متّ ما أسلاك يا أملي ... ولو فنيت غراما لست أنساك
وقال آخر:
كأنّ فؤادي يوم سرت دليل ... يسير أمام العيس وهو ذليل «٢»
فصرت عقيب الظاعنين لكي أرى ... فؤادي سرى في الركب وهو عجول
وقائلة لي كيف حالك بعدنا ... لتعلم ما هذا إليه يؤول
فقلت لها قد متّ قبل ترحلي ... فمن باب أولى أن يجدّ رحيل
وقلت فليلي طال همّا فأنشدت ... وما زال ليل العاشقين طويل
فقلت وجسمي لم يزل مترجّفا ... فقالت وجسم العاشقين نحيل
فقلت لها لو كنت أدري فراقنا ... بيوم وداع ما إليه سبيل
لقلعت عيني في هواك بأصبعي ... لكيلا أرى يوما عليّ ثقيل