وقال الوأواء الدمشقي عفا الله عنه:
يا من نفت عنّي لذيذ رقادي ... مالي ومالك قد أطلت سهادي «١»
فبأي ذنب أم بأيّة حالة ... أبعدتني ولقد سكنت فؤادي
وصددت عنّي حين قد ملك الهوى ... روحي وقلبي والحشا وقيادي
ملكت لحاظك مهجتي حتى غدا ... قلبي أسيرا ما له من فادي
لا غرو إن قتلت عيونك مغرما ... فلكم صرعت بها من الآساد
يا من حوت كلّ المحاسن في الورى ... والحسن منها عاكف في بادي
رفقا بمن أسرت عيونك قلبه ودعي السيوف تقرّ في الأغماد وتعطّفي جودا عليّ بقبلة فبميم مبسمكي شفاء الصّادي «٢»
ماتت أطال الله عمرك سلوتي ... ولقد فني صبري وعاش سهادي
ومن المنى لو دام لي فيك الضّنى ... يا حبذا لأراك من عوّادي «٣»
وأجيل منك نواظري في ناضر ... من خدّك المترقرق الوقّاد
وأقول ما شئت اصنعي يا منيتي ... مالي سواك ولو حرمت مرادي
إلّا مديح المصطفى هو عمدتي ... وبه سألقى الله يوم ميعادي
وقال البها زهير:
إذا جنّ ليلي هام قلبي بذكركم ... أنوح كما ناح الحمام المطوّق «٤»
وفوقي سحاب يمطر الهمّ والأسى ... وتحتي بحار بالجوى تتدفّق
سلوا أمّ عمرو كيف بات أسيرها ... تفكّ الأسارى دونه وهو موثق
فلا أنا مقتول ففي القتل راحة ... ولا أنا ممنون عليه فيعتق
مجنون ليلى:
وقد خبّروني أنّ تيماء منزل ... لليلى إذا ما الليل ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنّا ستنقضي ... فما للنوى يرمي بليلى المراميا
أعدّ الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهرا لا أعدّ اللّياليا
وأخرج من بين البيوت لعلّني ... أحدث عنك النفس بالليل خاليا
ألا أيها الركب اليمانون عرّجوا ... علينا فقد أمسى هوانا يمانيا
يمينا إذا كانت يمينا فإن تكن ... شمالا ينازعني الهوى عن شماليا
أصلّي فما أدري إذا ما ذكرتها ... اثنتين صلّيت الضّحى أم ثمانيا
خليليّ لا والله لا أملك الهوى ... إذا علم من أرض ليلى بداليا «٥»
خليليّ لا والله لا أملك الذي ... قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبّها ... فهلّا بشيء غير ليلى ابتلانيا
ولو أنّ واش باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
وددت على حبّي الحياة لو أنّه ... يزاد لها في عمرها من حياتيا
على أنّني راض بأن أحمل الهوى ... وأخلص منه لا عليّ ولا ليا
إذا ما شكوت الحبّ قالت كذبتني ... فمالي أرى الأعضاء منك كواسيا