للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى لا نرجو غيرك يا أرحم الراحمين. وقال سعيد بن المسيب: دخلت المسجد في ليلة مقمرة وأظن أني قد أصبحت وإذا الليل على حاله، فقمت أصلي، وجلست أدعو وإذا بهاتف يهتف من خلفي يا عبد الله قل: قلت ما أقول؟ قال: قل اللهم إني أسألك بأنك ملك وأنت على كل شيء قدير، وما تشاء من أمر يكون. قال سعيد: فما دعوت به قط في شيء إلا رأيت نجحه.

وعن الشيخ كمال الدين الدميري قال: روينا عن قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة قال: أنبأنا الشيخ شرف الدين أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن مناع الفزاري خطيب دمشق، أنبأنا الشيخ زين الدين أبو البقاء خالد بن يوسف النابلسي بقراءتي عليه، قال، أنبأنا الحافظ بهاء الدين ناصر السنة محمد بن الامام أبي محمد بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسين بن هبة الله ابن عساكر قراءة عليه، وأنا أسمع. قال: رويت بالاسناد وذكر إسناده إلى الإمام الحجة التابعي الجليل محمد بن سيرين، قال: نزلنا بنهر تيرا، فأتانا أهل ذلك المنزل فقالوا لنا: ارحلوا فإنه لم ينزل هذا المنزل أحد إلا أخذ متاعه فرحل أصحابي وتخلفت، فلما أمسينا قرأت آيات، فما نمت حتى رأيت أقواما قد أقبلوا وجاءوا إلى جهتي أكثر من ثلاثين نفرا وقد جردوا سيوفهم فلم يصلوا إلي، فلما أصبحت رحلت فلقيني شيخ على فرس ومعه قوس عربية، فقال لي: يا هذا أنسي أنت أم جني؟ فقلت بل أنا من بني آدم، قال، فما بالك لقد أتيناك في هذه الليلة أكثر من سبعين مرة وفي كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد، قلت: حدثني ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قرأ في ليلة ثلاثا وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة لص طار ولا سبع ضار، وعوفي في نفسه وأهله وماله حتى يصبح، فنزل عن فرسه وكسر قوسه وأعطى الله تعالى عهدا أن لا يعود لهذا الأمر، وهذه الآيات وهي أن تقرأ بعد الفاتحة الم ١ ذلِكَ الْكِتابُ

«١» إلى قوله الْمُفْلِحُونَ

«٢» ، وآية الكرسي إلى قوله هُمْ فِيها خالِدُونَ

«٣» . آمَنَ الرَّسُولُ

«٤» إلى آخر السورة، إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي

إلى قوله الْمُحْسِنِينَ

«٥» . وقُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا

الرَّحْمنَ

«٦» إلى آخر السورة، وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ١

إلى قوله تعالى لازِبٍ

«٧» ، ويا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ

إلى قوله فَلا تَنْتَصِرانِ

«٨» . لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً

«٩» إلى آخرها، وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا

إلى قوله شَطَطاً

«١٠» زاد البوني إلى قوله شِهاباً رَصَداً

«١١» . وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ ٢٠

إلى قوله مَحْفُوظٍ

«١٢» ، قال محمد بن سيرين، فذكرت هذا الحديث لشعيب بن حرب، فقال: كنا نسميها آيات الحرز ويقال إن فيها شفاء من مائة داء، وعدوا منها الجذام وغير ذلك. قال محمد بن علي: قرأتها على شيخ لنا قد أفلج فأذهب الله تعالى ذلك الفالج، قال البوني: هذه الآيات شرفها مشهور وفضلها مذكور لا ينكرها إلا غبي أو غيور، وقد جربها المشايخ، وعرف سرها من له في العلم قدم راسخ وقدر شامخ، وهي على ما رويناه بل ما رأيناه أولها الفاتحة ثم أول البقرة إلى آخر الآيات.

وقال أبو العباس أحمد القسطلاني سمعت الشيخ أبا عبد الله القرشي يقول سمعت أبا زيد القرطبي يقول في بعض الآثار أن من قال: لا إله إلا الله سبعين ألف مرة كانت فداءه من النار، فعملت ذلك رجاء بركة الوعد، ففعلت منها لأهلي وعملت أعمالا ادخرتها لنفسي وكان إذ ذاك يبيت معنا شاب يكاشف بالجنة والنار، وكانت الجماعة ترى له فضلا على صغر سنه، وكان في قلبي منه شيء، فاتفق أن استدعانا بعض الإخوان إلى منزله، فنحن نتناول الطعام والشاب معنا إذ صاح صيحة منكرة، واجتمع في نفسه وهو يقول: يا عم هذه أمي في النار ويصيح بصياح عظيم لا يشك من سمعه أنه عن أمر، فلما رأيت ما به من الانزعاج قلت: اليوم أجرب صدقه، فألهمني الله تعالى السبعين ألفا، ولم يطلع على ذلك إلا الله تعالى، فقلت في نفسي الأثر حق والذين رووه لنا صادقون: اللهم أن هذه السبعين ألفا فداء أم هذا الشاب من النار، فما استتممت هذا الخاطر في نفسي أن قال: يا عم هذه أمي أخرجت من النار، والحمد لله فحصل عندي فائدتان

<<  <   >  >>