إن يوما أتى عليك ليوم ... كوّرت شمسه وكان خليا
فعليك السلام منّا جميعا ... دائم الدهر بكرة وعشيّا
ورثاه صلى الله عليه وسلم أبو سفيان بن الحارث فقال:
أرقت فبات ليلي لا يزول ... وليل أخي المصيبة فيه طول
وأسعدني البكاء وذاك فيما ... أصيب المسلمون به قليل
لقد عظمت مصيبتنا وجلت ... عشية قيل قد قبض الرسول
وأضحت أرضنا مما عراها ... تكاد بنا جوانبها تميل «١»
فقدنا الوحي والتنزيل فينا ... يروح به ويغدو جبرائيل
وذاك أحقّ ما سالت عليه ... نفوس الناس أو كادت تسيل
نبيّ كان يجلو الشك عنا ... بما يوحى إليه وما يقول
ويهدينا فلا نخشى ملاما ... علينا والرسول لنا دليل
أفاطم إن جزعت فذاك عذر ... وإن لم تجزعي فهو السبيل
فقبر أبيك سيّد كلّ قبر ... وفيه سيّد الناس الرسول
ولما مات أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه رثاه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بهذه الأبيات حين رجع من دفنه فقال:
ذهب الذين أحبّهم ... فعليك يا دنيا السّلام
لا تذكرين العيش لي ... فالعيش بعدهم حرام
إنّي رضيع وصالهم ... والطفل يؤلمه الفطام
ورثى بعضهم محمد بن يحيى بعد موته فقال:
سألت الندى والجود مالي أراكما ... تبدّلتما عزّا بذل مؤبد
وما بال ركن المجد أمسى مهدّما ... فقالا أصبنا بابن يحيى محمد
فقلت فهلّا متّما بعد موته ... وقد كنتما عبديه في كلّ مشهد
فقالا أقمنا كي نعزّى بفقده ... مسافة يوم ثم نتلوه في غد
وقال آخر:
ولا أرتجي في الموت بعدك طائلا ... لا أتقي للدهر بعدك من خطب
وفي المعنى لبعضهم:
لقد أمنت نفسي المصائب بعده ... فأصبحت منها آمنا ان أروّعا
فما أتقي للدهر بعدك نكبة ... ولا أرتجي للعيش بعدك مرتعا «٢»
ورثى أشجع السلمي عبد الله بن سعيد فقال:
مضى ابن سعيد حيث لم يبق مشرق ... ولا مغرب إلا له فيه مادح
وما كنت أدري ما فواضل كفّه ... على الناس حتى غيبته الصفائح
وأصبح في لحد من الأرض ميتا ... وكان به حيا تضيق الصحاصح
سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض ... فحسبك منّي ما تكنّ الجوانح «٣»
وما أنا من رزء وإن جلّ جازع ... ولا بسرور بعد فقدك فارح
لئن حسنت فيك المراثي بذكرها ... فقد حسنت من قبل فيك المدائح
وقال آخر:
إلى الله أشكو لا إلى الناس إنني ... أرى الأرض تبقى والأخلّاء تذهب
أخلاي لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الدهر معتب