لمواجهة ما تراه نقصا، حيث يتعذر عليها الفرار بالبدن. "أن" كلمة مدلولها ممن أجريت عليه حقيقة باطن من ذاته وعلمه يفصل بها ما يظهرها، وسيبويه، رحمه الله، يراها اسما، وعامة النحاة، لا نعجام معناها عليهم، يرونها حرفا. "يضرب" من ضرب المثل، وهو وقع المثل على الممثل لأن أصل الضرب وقع شيء على شيء، والمعنى أن يوجد الضرب متجددا مستمرا، وهذا لا يساويه أن يقال من ضربه مثلا، فإنه يصدق لمثل واحد سابق أو لاحق.
... وإلى هذا القيد الأخير ينظر قول الْحَرَالِّي: إن الحياء من أن يضرب المثل استحياء من وقعه في الباطن، والحياء من ضربه المثل استحياء من إظهاره بالقول، ففي الأصل الأبلغ الذي بنفيه يكون نفي الضرب أحق، فيراجع هذا المعنى مع تكرار "أن" فإنها كثيرة الدور في القرآن، جليلة قدر المعنى في مواقعها، وإنما يجري على ترك الالتفات إلى موقع معناها ما يقوله النحاة في معنى التقريب [إن أن والفعل في] معنى المصدر، والواجب في الإعراب والبيان الإفصاح عن ترتب معانيهما، وعند هذا يجب أن تكون أن اسما والفعل صلتها، نحو "من" و "ما".
{مَثَلًا مَا} مثل أمر ظاهر للحس ونحوه، يعتبر به أمر خفي يطابقه فينفهم معناه باعتباره، و"ما" في هذا الموقع لمعنى الاستغراق، فهي هنا لشمول الأدنى والأعلى من الأمثال - انتهى.