قال الْحَرَالِّي: وأعلى هذا الخطاب فأبعدوا عن تيسيره بذكر اسم "الله"، لما لم يكونوا من أهل قبول التنزل بدعوى اسم الربوبية، حيث لم يكونوا ممن أجاب مبادراً ولا تاليا، حسبما تشعر به آية تحقيق ضرب الأمثال.
ولما جرى هذا الخطاب بذكر اسم الله أعقب بذكر الأفعال الإلهية التي هي غابات، من الموت والإحياء المعروف اللذين لا ينكر الكفار أمرهما - انتهى.
{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا}
قال الْحَرَالِّي: من الموت، وهو حال خفاء وغيب، يضاف إلى ظاهر عالم يتأخر عنه أو يتقدمه، تفقد فيه خواص ذلك الظهور الظاهرة - انتهى.
{فَأَحْيَاكُمْ}
قال الْحَرَالِّي: رجاء بالفاء المشعرة بالتعقيب، لما لم يكن لهم معرفة بمهل الموت الذي قبل حياة الولادة. والحياء تكامل في ذات ما، أدناه حياة النبات بالنمو والاهتزاز مع انغراسه، إلى حياة ما يدب بحركته وحسه، إلى غاية حياة الإنسان في تصرفه وتصريفه، إلى ما وراء ذلك من التكامل - انتهى.
{ثُمَّ يُمِيتُكُمْ}
قال الْحَرَالِّي وهذه الأحوال الثلاثة: أي الموت المعبر به عن العدم، ثم الحياة، ثم الموت، معروفة لهم، لا يمكنهم انكارها، وإذا صح منهم الإقرار بحياة موت لزمهم الإقرار بحياة موت آخر، لوجوب الحكم بصحة وجود ما قد سبق مثله، كما قال تعالى:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} ولدن ذلك من العلم أن الموت والحياة مزدوجان متضايقان، وإذا استوفى الموت الأول إحياءه، فلا بد من استيفاء الموت الثاني إحياءه أيضا، لأنه لولا