للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استقبال الحياة لما كان موتا، بل بطلا وفقدا واضمحلالا، لأن حقيقة الموت حال غيب بين يديه ظهور، والحياة نهاية ثابتة، والموت مبدأ غيب زائل، فجنس الموت كله متقض ونهاية، والحياة ثابتة دائمة، ولذلك ورد ما صح عنه، عليه الصلاة والسلام، في أن الموت يذبح، إعلام بانقضاء جنسه، وثبات الحياة، ولذلك قدم في الذكر، وأعقب بالحياة، حيث استغرقتهما كلمة "ال" في قوله: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} وثبت الخطاب على إقرار الحياة والكمال، كما ورد عنه، - صلى الله عليه وسلم -، في قوله: "نعيم الجنة لا آخر له" فوجب بظاهر ما أحسه الكفار وباطن ما أقتضاه هذا النحو من العلم دونه انتشار حياة ثانية بعد ميتة الدنيا - انتهى.

{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وفي هذا، كما

قال الْحَرَالِّي: إعلام بأنهم إن لم يرجعوا إلى الله، سبحانه، بداعي العلم في الدنيا، فبعد مهل من الإحياء الثاني يرجعون إليه قهرا، حيث يشاهدون انقطاع أسبابهم ممن تعلقوا به، ويتبرأ منهم ما عبدوه من دون الله. وإنما جاء هذا المهل بعد البعث لما يبقى لهم من الطمع في شركائهم، حيث يدعونهم فلم يستجيبوا لهم، فحينئذ يضطرهم انقطاع أسبابهم إلى الرجوع إلى الله، فيرجعون قسرا وسوقا، فحينئذ يجزيهم بما كسبوا في دنياهم. كما قال تعالى في خطاب يعم كافة أهل الجزاء: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وهذا آخر خطاب الإقبال عليهم من دعوة الله لهم، ولسان النكير عليهم، ولذلك كانت آية: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} أخر آية أنزلت في

<<  <   >  >>