السماء الذي هو موضع التخوف لهم، لنزول المخوفات منه عليهم، فقيل لهم: هذا المحل الذي تخافون منه هو استوى إليه، ومجرى لفظ الاستواء في الرتبة والمكانة أحق بمعناه من موقعه في المكان والشهادة؛ وبالجملة، فالأحق بمجرى الكلم وقوعها نبأ عن الأول الحق، ثم وقوعها نبأ عما في أمره وملكوته، ثم وقوعها نبأ عما في ملكه وإشهاده، فلذلك حقيقة اللفظ لا تصلح أن تختص بالمحسوسات البادية في الملك دون الحقائق التي من ورائها من عالم الملكوت، وما به ظهر الملك والملكلوت من نبأ الله عن نفسه من الاستواء ونحوه، في نباء الله عن نفسه أحق حقيقة، ثم النبأ به عن الروح مثلا، واستوائها على الجسم، ثم على الرأس مثلا، واستوائه على الجثة، فليس تستحق الظواهر حقائق الألفاظ على بواطنها، بل كانت البواطن أحق باستحقاق الألفاظ، وبذلك يندفع كثير من لبس الخطاب على المقتصرين بحقائق الألفاظ على محسوساتهم.
{فَسَوَّاهُنَّ} التسوية إعطاء أجزاء الشيء حظه لكمال صورة ذلك الشيء.
{سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} أعطى لكل واحدة منهن حظها: {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}. انتهى.
وقال الْحَرَالِّي: لما جعل الله، تعالى، نور العقل هاديا لآيات ما ظهر في الكون، وكان