جمعا، فالقول مشهود القلب بواسطة الأذن، كما أن المحسوس مشهود القلب بواسطة العين وغيره.
ثم قال: لما أنبأ الله، عز وجل، نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، بما في الذكر من التقدير الذي هو خبء الشرعة، ونظم به ما أنزل من دعوة الخلق إلى حكمه، فانتظم ذلك رتبتي أمر، نظم، تعالى، بذلك إنزال ذكر خلق معطوفا على ذكر خلق أعلى رتبة منه، نسبته منه كنسبة الدعوة من خبئها، فذكر خلق آدم ظاهر خبء ما عطف عليه، وهو، والله أعلم، ذكر خلق محمد، - صلى الله عليه وسلم -، الذي هو خبء خلق آدم، فكأنه، تعالى، أعلم نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، بأمر خلقه له بدء وحي سر، ثم أعلن بما عطف عليه من ذكر خلق آدم وحي علن، ليكون أمر خلق محمد، - صلى الله عليه وسلم -، عند الخاصة، فهما، كما كان خلق آدم عند العامة إفصاحا، وكان المفهوم: اذكر يا محمد، إذ كان في خلقك كذا، وإذ قال {رَبُّكَ} أي المحسن إليك برحمة العباد بك الذي خبأك في إظهار خلق آدم، {لِلْمَلَائِكَةِ} ما أنزل.
وتأويل الملائكة عند أهل العربية أنه جمع ملأك، مقلوب من مألك، من الألك، وهي الرسالة فتكون الميم زائدة، ويكون وزنه معافلة، ويكون الملك من الملك وهو إحكام ما منه التصوير، من ملكت العجين، وجمعه أملاك، تكون فيه الميم أصلية، فليكن اسم ملائكة جامعا للمعنيين، منحوتا من الأصلين، فكثيرا ما يوجد ذلك في أسماء الذوات الجامعة، كلفظ إنسان، بما ظهر فيه من أنه من الأنس والنسيان معا، وهو وضع للكلم على مقصد أفصح وأعلى مما يخص به اللفظ معنى واحدا. فللكلام رتبتان: رتبة عامة، ورتبة خاصة، أفصح وأعلى كلما وكلاما.
قال فيه أي هذا الخطاب مع ذلك استخلاص لبواطن أهل الفطانة من أن تعلق