الذي يخص المهتدين بنور العقل ليترقوا من حد الايمان إلى رتبة اليقين، وإنما يرد التنبيه والتنزيل بما في نور العقل هدايته من أجل المعرضين؛ فكان ما شمله التنزيل بذلك أربعة أمور:
أحدها: التنبيه على الآيات بمقتضى أسماء من اسمه الملك، إلى اسمه الرحمن الرحيم، إلى اسمه رب العالمين، إلى اسمه العظيم الذي هو الله.
والثاني: التنبيه على غائب المنتظر الذي الخلق صائرون إليه ترغيبا وترهيبا.
والثالث: الإعلام بماضي أمر الله، جمعا للهمم للجد والانكماش في عبادة الله.
والرابع: التبصير ببواطن كائن الوقت الذي في ظاهره إعلامه، فكان أول النزيل في هذه السورة أمر أول يوم من ذكر الله، وهو كتب مقتضى العلم والقدر في قسمه تعالى عباده بين: مؤمن، وكافر، ومنافق، ثم أنزل الخطاب إلى آية الدعوة من وراء حجاب الستر بسابق التقدير، فعم به الناس ونبههم على آيات ربوبيته وحيا أوحاه الله منه إليه، ثم عطف على ذلك إعلاما لابتداء المفاوضة في خلق آدم عطفا على ذلك الذي يعطيه إفهام هذا الإفصاح، فلذلك قال تعالى:"وإذ" فإن الواو حرف يجمع ما بعده مع شيء قبله؛ إفصاحا في اللفظ أو إفهاما في المعنى، وإنما يقع ذلك لن يعلو خطابه ولا يرتاب في إبلاغه، "وإذ" اسم مبهم لما مضى من الأمر والوقت، "قال" من القول، وهو إبداء صور الكلم نظما، بمنزلة ائتلاف الصور المحسوسة