فقهه أن أحكاما تؤخر، فتشابه النسخ من وجه، ثم تعاد فتخالفه من هذا الوجه، من حيث أن حكمة المنسوخ منقطعة، وحكمة المنسئ متراجعة، ومنه المقاتلة للعدو عند وجدان المنة والقوة، والمهادنة عند الضعف عن المقاومة، هو من أحكم المنسئ، وكل ما شأنه أن يمتنع في وقت لمعنى ما، ثم يعود في وقت لزوال ذلك المعنى، فهو من المنسئ الذي أهمل علمه أكثر الناظرين، وربما أضافوا أكثره إلى نمط النسخ لخفاء الفرقان بينهما.
فبحق أن هذه الآية من جوامع آي الفرقان، فهذا حكم النسء والإنساء، وهو في العلم بمنزلة تعاقب الفصول، بما اشتملت عليه من الأشياء المتعاقبة في وجه المتداولة في الجملة.
قال: وأما النسيان والتنسية فمعناه أخفى من النسىء، وهو ما يظهره الله من البيانات على سبيل إدخال النسيان على من ليس شأنه أن ينسى، كالسنن التي أبداها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن تنسيته، كما ورد من قوله: "إني لأنسى