للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدتها إلى وحدة الإله الذي انتهى إليه الإله، وهو تعبد الظاهر، لإلجاء المتعبد إليه في كل حاجاته، وإقامات الظاهرة والباطنة، ولا أتم من وحدة ما لا يتصوره العقل، ولا يدركه الحس في علو وحدة الغيب، الذي لا يبدو فيه ذات، فيكون لها أو فيها كميات ولا كيفيات.

ثم قال: وقد صح بالتجربة أن الراحة في صحبة الواحد، وأن التعب في اتباع العدد، لاختصاص كل واحد بقصد في التابع. يتشاكس عليه لذلك حال أتباعهم، فكان أعظم دعوة إلى جمع الخلق دعوتهم إلى جمع توحيد الإلهية؛ انتظاما بما دعوا إليه من الاجتماع في اسم الربوبية في قوله، تعالى، متقدما: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} فإعلام الخطاب من رتبة الربوبية إلى رتبة هذه الدعوة بالإلهية لتعلو من هذا الحد إلى الدعوة إلى الله الأحد، الذي أحديته مركوزة في كافة فطر الخلق وجبلاتهم، حين لم يقع الشرك فيه بوجه، وإنما وقع في رتبة الإلهية، فكان هذا أوسط الدعوة بالاجتماع في وحدة الإلهية، وفي إضافة اسم الإله إليهم أتم تنزل بمقدار معقولهم من تعبدهم الذي هو تألههم. ولما كان في الإلهية دعوى كثرة توهم الضلال المبين اتبع ذلك بكلمة التوحيد، بناء على اسمه المضمر في باطن ظاهر الإلهية، فقال

<<  <   >  >>