فراش، والسماء بأنها بناء، على عادة العرب في رتبة حس ظاهر - أعلاهم في هذا الخطاب بإيراد آياته وشواهده على علو رتبة معنى معقول فوق رتبة الأمر المحسوس [السابق فقال:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} خطابا مع من له نظر عقلي، يزيد على نظر الحس] باعتبار السموات أفلاكها، وعددها بشواهد نجومها، حتى يتعرف أنها سموات معدودة، وذلك مما يظهر موقعه عند من له اعتبار في مخلوق السموات، ولما لم يكن للأرضين شواهد محسوسة بعددها، كما في السموات، لم يجر ذكرها في القرآن إلا مفردة، وجاء ذكر السموات معددة لأهل النظر العقلي، ومفردة لأهل النظر الحسي، وأيسر معتبر مابين السموات والأرض في مقابلة حظيهما في كون السموات في حد من العلو والصفاء والنورانية والحركة، والأرض في مقابل ذلك من السفل والكثافة والظلمانية والسكون، فيقع الاعتبار بحصول مشهود التعاون من مشهود التقابل، وذلك مما يعجز الخلق، فيعلمون أنه من أمر الحق، لأن الخلق إنما يقع لهم التعاون بالمتناسب لا بالمتقابل، فمن آلته الماء مثلا تفسد عليه النار، ومن آلته النار يفسد عليه الماء والحق، سبحانه وتعالى، أقام للخلق