العظيم الأول إعلاما بأن الذي أذن لهم، إنما حرم عليهم ما لا يصلح لهم بكل وجه، لشدة مضرته عليهم في إحاطة ذواتهم ظاهرها وباطنها، لما ذكر أن المحرم إما لحرمته علوا كالبلد الحرام، وتحريم الأمر أو لحرمته دناءة، كتحريم هذه المحرمات، ففي كلمة {إِنَّمَا} نفي لمتوهمات ما يلحقه التحريم بما دون المذكور هنا. كأن قائلا يقول: حرم كذا، وحرم كذا، من نحو ما حرمته الكتب الماضية، أو حرمته الأهواء المختلفة، أو حرمه نظر علمي، كالذي حرمه إسرائيل على نفسه، فكان الإفهام لرد تلك المحرمات كلها - انتهى.
{الْمَيْتَةَ}
قال الْحَرَالِّي: وهي ما أدركه الموت من الحيوان عن ذبول القوة وفناء الحياة، وهي أشد مفسد للجسم، لفساد تركيبها بالموت، وذهاب تلذذ أجزائها وعتقها، وذهاب روح الحياة والطهارة منها، {وَالدَّمَ} أي الجاري، لأنه جوهر مرتكس عن حال الطعام، ولم يبلغ بعد إلى حال الأعضاء، فهو ميتة من [خاص حياته] مرتكس في جوهره إلا من طيب الله كليته، كما في محمد، - صلى الله عليه وسلم -، وفيمن نزع عنه خبث الظاهر والباطن طبعا ونفسا.