قال الْحَرَالِّي: فيه إشعار بأن طائفة الناس يعليهم الصوم، أي بالتهيئة للتدبر والفهم وانكسار النفس إلى رتبة الذين آمنوا والمؤمنين، [ويرقيهم -] إلى رتبة المحسنين، فهو هدى يغذو فيه فقد الغذاء القلب، كما يغذو وجوده الجسم، ولذلك أجمع مجربة أعمال الديانة، من {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أن مفتاح الهدى إنما هو الجوع، وأن المعدة والأعضاء متى أوهنت لله، نور الله، سبحانه وتعالى، القلب، وصفي النفس، وقوي الجسم، ليظهر من أمر الإيمان بقلب العادة جديد عادة، هي لأوليائه أجل في القوة والمنة من عادته في الدنيا لعامة خلقه.
وفي إشارته لمح لما يعان به الصائم من سد أبواب النار وفتح أبواب الجنة، وتصفيد الشياطين كل ذلك بما يضيق من مجاري الشياطين من الدم الذي ينقصه الصوم، فكان فيه مفتاح الخير كله، وإذا هدى الناس كان للذين آمنوا أهدى، وكان نورا لهم وللمؤمنين أنور، كذلك إلى أعلى رتب الصائمين