العاكفين الذاكرين الله كثيرا، الذين تماسكوا بالصوم عن كل ما سوى مجالسة الحق بذكره.
وفي قوله:{وَبَيِّنَاتٍ} إعلام بذكر ما يجده الصائم من نور قلبه، وانكسار نفسه وتهيئة فكره لفهمه، ليشهد تلك البينات في نفسه، وكونها {مِنَ الْهُدَى} الأعم الأتم الأكمل الشامل لكافة الخلق {وَالْفُرْقَانِ} الأكمل، وفي حصول الفرقان عن بركة الصوم والذي هو بيان رتب ما أظهر الحق رتبه على وجهه إشعار بما يؤتاه الصائم من الجمع الذي هو من اسمه الجامع الذي لا يحصل ألا بعد تحقق الفرقان، [فإن -] المبني على التقوى المنولة للصائم في قوله في الكتب الأول {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فهو صوم ينبني عليه تقوى ينبني عليها فرقان، كما قال تعالى:{إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} ينتهي إلى جمع يشعر به نقل الصوم من عدد الأيام إلى وحدة الشهر - انتهى.
فعلى ما قلته المراد بالهدى الحقيقة، وعلى ما قاله الْحَرَالِّي هو مجاز علاقته السببية، لأن الصوم مهيئ للفهم، وموجب للنور. {وَالْهُدَى}