الله، تعالى، أن يشدد على أمة أمرها بما جبلها على تركه، ونهاها عما جبلها على فعله، فتفشو فيهم المخالفة لذلك، وهر من أشد الآصار التي كانت على الأمم، فخففت عن هذه الأمة بإجراء شرعتها على ما يوافق خلقتها، فسارع، سبحانه وتعالى، لهم إلى حظ من هواهم، كما قالت عائشة، رضي الله تعالى عنها، للنبي:"إن ربك يسارع إلى هواك" ليكون لهم حظ مما لنبيهم كليته، وقال، عليه الصلاة والسلام، لعلي رضي الله تعالى، عنه:"اللهم أدر الحق معه حيث دار" كان، - صلى الله عليه وسلم -، يأمر الشجاع بالحرب، ويكف الجبان عنه، حتى لا تظهر فيمن معه مخالفة إلا عن سوء طبع، لا يزعه وازع الرفق، وذلك قصد العلماء الربانيين الذين يجرون المجرب والمدرب على ما هو أليق بحاله وجبلة نفسه، وأوفق لخلقه، وخلقه، ففيه أعظم اللطف لهذه الأمة من ربها ومن نبيها ومن أئمة زمانها، ومنه قوله، عليه الصلاة والسلام: "لقد هممت أن أنهي عن الغيلة، حتى سمعت [أن] فارس [و] الروم يصنعون ذلك، فلا يضر ذلك