للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينظر إلى خيطين محسوسين، فأنزل {مِنَ الْفَجْرِ} يعني فبين الأبيض، فأخرجه بذكر المشبه من الاستعارة إلى التشبيه، لأن من شرائطها أن يدل عليها الحالة أو الكلام، وهذه الاستعارة، وإن كانت متعارفة عندهم، فقد نطقت بها شعراؤهم، وتفاوضت [بها -] فصحاؤهم وكبراؤهم، لم يقتصر عليها، وزيد في البيان، لأنها خفيت على بعض الناس، منهم عدي بن حاتم، رضي الله تعالى عنه، فلم تكن الآية مجملة، ولا تأخر البيان عن وقت الحاجة، ولو كان الأمر كذلك ما عاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على عدي، رضي الله تعالى عنه، عدم فهمها.

وقال الْحَرَالِّي في كتاب له في "أصول الفقه"، بناء على أنها مجملة، والخطاب بالإجمال ممكن الوقوع، وليس يلزم العمل به، فالإلزام تكليف ما لا يطاق، وإلزام العمل يستلزم البيان، وإلا عاد ذلك الممتنع، وتأخير بيان المجمل إلى وقت الإلزام ممكن، لأن في ذلك تناسب حكمة الوحي المنزل بحكمة العالم المكون، فإن الإجمال في القرآن بمنزلة نطق الأكوان، والبيان بمنزلة تخطيط

<<  <   >  >>