يشبه بعضه بعضا. {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} والسعي هو العدو والقصد المسرع يكون في الحس والمعنى، في إتيان الطائر طائراً حظ من منته، وفي إتيانه سعيا حظ من ذلته، فلذلك جلبهن عليه سعيا بحال المتذلل الطالب للرزق والأمنة من اليد التي عهد منها الرزق، والجنبة التي ألف منها الأمن، فبدأ المثل مطابقا للممثول، وغايته مرأى عين، فصار موقنا مطمئنا، وليس ذلك بأعجب من مشي الأحجار تارة والأشجار كرة وأغصانها أخرى، إلى خدمة ولده المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، وكذا إلحام يد معوذ بن عفراء، بعدما قطعت، وجاء يحملها، كما ذكر في السير في غزوة بدر، فصارت مثل أختها، في أشياء من أمثال ذلك.
على أنه قد كان له من إحياء الموتى ما أذكره في آل عمران، وكان لآحاد أمته من ذلك ما ذكره البيهقي في الدلائل منه عددا كثيرا. وإنما لم يكثر ذلك على يده، - صلى الله عليه وسلم -، لأنه مرسل إلى قوم لا يقرون بالبعث، ومحط الإيمان التصديق بالغيب
فلو كثر وقوع ذلك له، - صلى الله عليه وسلم -، لكشف الغطاء، وإذا انكشف الغطاء عوجل من تخلف عن الإيمان بالعذاب، وهو نبي الرحمة، - صلى الله عليه وسلم -.