إنما الحكيم الذي أشهده حكمة الدنيا أرضا وأفلاكا ونجوما وآفاقا وموالد وتوالدا، وأشهده أنه حكيمها، ومزج له علم حكمة موجود الدنيا بعلم حكمة موجود الآخرة، وأراه كيفية توالج الحكمتين بعضها في بعض ومآل بعضها إلى بعض، حتى يشهد دوران الأشياء في حكمة أمر الآخرة التي هي غيب الدنيا إلى مشهود حكمة الدنيا، ثم إلى مشهود حكمة الآخرة، كذلك عوداً على بدء، وبدءا على عود، في ظهور غيب الإبداء إلى مشهوده، وفي عود مشهودة إلى غيبه:{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} كذلك إلى المعاد الأعظم الإنساني {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} فهذا هو الحكيم المتوسط الحكمة.
ثم وراء ذلك أمر آخر من على أمر الله في متعالي تجلياته بأسماء وأوصاف يتعالى ويتعاظم للمؤمنين، ويتبارك ويستعلن للموقنين الموحدين، فله، سبحانه وتعالى، العزة في خلقه وأمره، وله الحكمة في خلقه وأمره، ومن ورائها كلمته التي لا ينفد تفصيل حكمتها {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} الآية. وكلماته لاتحد