وكانت الإحاطة الإلهية القيومية إلاحتها ونور آياتها، فكان ذلك في آية الكرسي تصريحا، وفي سائر آيها إلاحة بحسب قرب الإحاطة الكتابية من الإحاطة الإلهية، وفي بدء سابق أو ختم لاحق أو حكمة جامعة، فلذلك انتظم بالسورة التي ذكرت فيها البقرة السورة التي يذكر فيها آل عمران، لما نزل في سورة آل عمران من الإحاطة الإلهية، حتى كان في مفتتحها اسم الله الأعظم، فكان ما في البقرة إفصاحا في سورة آل عمران إلاحة. وكان ما في البقرة إلاحة في سورة آل عمران إفصاحا، إلا ما اطلع في كل واحدة منهما ما تصريح الأخرى، فلذلك هما سورتان مرتبطتان وغايتان وغمامتان، تظلان صاحبهما يوم القيامة، وبما هما من الذكر الأول، وبينهما من ظاهر التفاوت ما بين الإحاطة الكتابية، وبين الإحاطة الإلهية، فلذلك كانت سورة البقرة سناما له، والسنام أعلى ما في الحيوان المنكب وأجمله جملة، وهو البعير، وكانت سورة آل عمران تاج القرآن، والتاج هو أعلى ما في المخلوقات من الخلق القائم المستخلف في الأرض ظاهره، وفي جميع المكون إحاطته، فوقع انتظام هاتين السورتين على نحو من انتظام الآي، يتصل الإفصاح في الآية بإلاحة سابقتها، كما تقدم التنبيه عليه في مواضيع - انتهى.