الأحكام المتضمن لأمر الدين والدعوة الذي وقعت فيه الهداية والفتنة. ثم كتاب الأعمال الذي كتبه الله، سبحانه وتعالى، في ذوات المكلفين من أفعال وأحوال أنفسهم وما كتب في قلوبهم من إيمان، أو طبع عليها أو ختم عليها بفجور أو طغيان، فتطابقت الأوائل والأواخر، واختلف كتاب الأحكام وكتاب الأعمال بما أبداه الله، سبحانه وتعالى، من وراء حجاب من معنى الهدى والفتنة والإقدام والإحجام.
فتضمنت سورة البقرة إحاطات جميع هذه الكتب، واستوفت كتاب الأقدار، بما في صدرها من تبيين أمر المؤمنين والكافرين والمنافقين، وكتاب الأفعال، كما ذكر، سبحانه وتعالى، أمر الختم على الكافرين، والمرض في قلوب المنافقين، وما يفصل في جميع السورة من أحكام الدين، وما يذكر معها مما يناسبها من الجزاء من ابتداء الإيمان إلى غاية الإيقان، الذي انتهى إليه معنى السورة فيما بين الحق والخلق من أمر الدين، وفيما بين الخلق والخلق من المعاملات والمقاومات، وفيما بين المرء ونفسه من الإيمان والعهود، إلى حد ختمها بما يكون من الحق للخلق في استخلاف الخلفاء الذين ختم بذكرهم هذه السورة الذين قالوا:{غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} إلى انتهائها.
ولما كان مقصود هذه السورة الإحاطة الكتابية كان ذلك إفصاحها ومعظم آياتها،