بقاء لعلن قيوميته من تنزيل الكتاب الجامع الأول، وإنزال الكتب الثلاثة:
إنزال التوراة بما أنشأ عليه قومها من وضع رغبتهم ورهبتهم في أمر الدنيا، فكان وعيدهم فيها ووعدهم على إقامة ما فيها إنما هو برغبة في الدنيا ورهبتها، لأن كل أمة تدعى لنحو ما جبلت عليه من رغبة ورهبة، فمن مجبول على رغبة ورهبة في أمر الدنيا، [و -] من مجبول على ما هو من نحو ذلك في أمر الآخرة، ومن مفطور على ما هو من غير ذلك من أمر الله، فيرد خطاب كل أمة وينزل عليها كتابها من نحو ما جبلت عليه، فكان كتاب التوراة كتاب رجاء ورغبة وخوف، ورهبة في موجود الدنيا. وكان كتاب الإنجيل [كتاب -] دعوة إلى ملكوت الآخرة، وكانا متقابلين، بينهما ملابسة لم يفصل أمرهما فرقان واضح، فكثر فيهما الاشتباه. فأنزل الله، تعالى، الفرقان لرفع لبس ما فيهما، فأبان فيه المحكم والمتشابه من منزل الوحي، وكما أبان فيه فرقان الوحي أبان فيه أيضا فرقان [الخلق وما اشتبه من أمر الدنيا والآخرة، وما التبس على أهل الدنيا من