تضييع الدين، ويبدو على وجوههم من ظلمة الظلم ما يشهد ذلهم فيه أبصار العارفين - انتهى.
{إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
وقال الْحَرَالِّي: ولما كانت هذه الآية متضمنة تقلبات نفسانية في العالم القائم الآدمي، اتصل بها ذكر تقلبات في العالم الدائر، ليؤخذ لكل منها اعتبار من الآخر.
ولما ظهر في هذه الآية افتراق في النزع، والإيتاء والإعزاز والأذلال، أبدى في الآية التالية توالج بعضها في بعض، ليؤذن بولوج العز في الذل، والذل في العز، والإيتاء في النزع، والنزع في الإيتاء، وتوالج المفترقات والمتقابلات بعضها في بعض.
ولما كانت هذه السورة متضمنه لبيان الإحكام والتشابه في منزل الكتاب بحكم الفرقان، أظهر، تعالى، في آياتها ما أحكم وبين في خلقه وأمره، [وما التبس وأولج في خلقه وأمره -]، فكان من محكم آية في الكائن القائم الآدمي ما تضمنه إيتاء الملك ونزعه من الإعزاز والإذلال، وكان من الاشتباه إيلاج العز في الذل، وإيلاج الذل في العز، فلما صرح بالإحكام ببيان الطرفين في الكائن القائم الآدمي، وضمن الخطاب اشتباهه في ذكر العز والذل، صرح به في آية الكون الدائر، فذكر آية الآفاق، وهو الليل والنهار، بما يعاين فيها من التوالج، حيث ظهر ذلك فيها،