وقال الْحَرَالِّي: لما كان منزل هذه السورة لإظهار المحكم والمتشابه، في الخلق والأمر، قدم، سبحانه وتعالى، بين يدي إبانة متشابه خلق عيسى، عليه الصلاة والسلام، وجه الاصطفاء المتقدم للآدمية ومن منها من الذرية، لتظهر معادلة خلق عيسى، عليه الصلاة والسلام، آخرا، لمتقدم خلق آدم، عليه الصلاة والسلام، أولا، حتى يكونا مثلين محيطين بطرفي الكون في علو روحه ودنو أديم تربته، وأنه، سبحانه وتعالى، نزل الروح إلى الخلق الآدمي، كما قال:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} وظهر أثر ذلك اللبس بما وقع لأهل الزيغ في عيسى، كما أنه رقى الخلق الطيني رتبة رتبة إلى كمال التسوية، إلى أن نفخ فيه من روحه، فكان ترقي الآدمي إلى النفحة لتنزل الروح إلى الطينة الإنسانية، التي تم بها وجود عيسى،