للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت هي مثل ما كفلها كافلها ظاهراً كلفته باطنا، حين أبدى الله سبحانه وتعالى له من أمره مالم يكن قبل بداله، فكان لمريم، عليها الصلاة والسلام، توطئة في رزقها، لما يكون كماله في حملها، فيكون رزقها بالكلمة ابتداء ليكون حملها بالكلمة، فعند ذلك طلب زكريا، عليه السلام، نحو ما عاين لها، من أن يرزقه الولد في غير إبانه، كما رزق مريم الرزق في غير أوانه، وفي تعيين محلها بالمحراب ما يليح معنى ماذكر من رجوليتها باطنا، من حيث إن محل النساء أن يتأخرن، فأبدى الله، سبحانه وتعالى، في محلها ذكر المحراب إشارة بكمالها. والمحراب صدر البيت المتخذ للعبادة، وفي لزومها لمحرابها في وقت تناول الرزق إعلام بأن الحبيس والمعتكف بيته محرابه، ومحرابه بيته، بخلاف من له متسع في الأرض، ومحل من غير بيت الله، إنما المساجد بيوت أهل الله المنقطعين إليه، فهو محلهم في صلاتهم، ومحلهم في تناول أرزاقهم، ففيه إشعار بحضورها، وحضور أهل العكوف حضور سواء في صلاتهم وطعامهم، ولذلك أنمى حال العبد عند ربه، بما هو عليه في حال تناول طعامه وشرابه، فأهل

<<  <   >  >>