وأما من جهة العمل وأحوال الجوارح: فإن أدب الناطق بكلمة الشهادة أن يجمع حواسه إلى قلبه، ويحضر في قلبه كل جارحة فيه، وينطق بلسانه عن جميع ذاته: أحوال نفس، وجوارح بدن، حتى يأخذ كل عضو منه وكل جارحة فيه، وكل حال لنفسه، قسطه منها، كما أشار إليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأعلم بأن بذلك تتحاث عنه الذنوب، كما يتحاث الورق عن الشجر. فلم يقرأ تهليل القرآن من لم يكن ذلك حاله فيه، وكذلك في تشهد الأذان، وبذلك يهدم التهليل سيئاته في الإسلام، كما هدم من المخلص به جرائم الكفران، سمع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رجلا يؤذن، فلما قال: الله أكبر، الله أكبر، قال: على الفطرة، فلما قال: لا إله إلا الله، قال: خرجت من النار.
وأما أدب الصلاة: فخشوع الجوارح، والهدوء في الأركان، وإتمام كل ركن بأذكاره المخصوصة به، وجمع الحواس إلى القلب، كحاله في الشهادة، حتى لا يحقق مدرك حاسة غفلة.
وأما أدب الإنفاق: فحسن المناولة، كان، - صلى الله عليه وسلم - يناول السائل بيده، ولا يكله إلى غيره، والإسرار أتم:{وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}. وينفق من كل شيء بحسب ما رزثه، مياومة أو مشاهرة، أو مسانهة:{وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.
وأما أدب الصوم: فالسحور مؤخرا، والفطر معجلا، وصوم الأعضاء كلها عن