يعني أن (ليس) فعل من الأفعال، لكنها من الأفعال الجامدة، والجامدة عندهم هي التي لا تتصرف، مأخوذة من الجمود وهو الركود وعدم الانسياب، والمائع هو الذي ينساب ولا يركد.
فـ (ليس) فعل جامد لا يتصرف، فليس لها فعل مضارع ولا فعل أمر، ولكنها من الأفعال، فإذا اتصل بها ياء المتكلم، فهل يجب أن تقترن بها نون الوقاية؟ نقول: كلام المؤلف يدل على وجوب ذلك، لكنها قد جاءت في النظم غير مقرونة بنون الوقاية، ولهذا قال:(وليسي قد نظم)، يعني: جاء في الشعر (ليسي) بدون النون، وهو قول الشاعر: عددت قومي كعديد الطيس إذ ذهب القوم الكرام ليسي ولم يقل: ليسني أو ليس إياي، بل قال: ليسي، فأتى بالضمير المتصل بدون نون الوقاية، لكن هذا لضرورة الشعر، والشعر يجوز فيه ما لا يجوز في النثر، لأنه يجبر الشاعر على أن يرتكب ما لا يجوز من أجل الوزن، وأنشدتكم سابقاً قول صاحب الملحة: وجائز في صنعة الشعر الصلف أن يصرف الشاعر ما لا ينصرف فالشعر صلف يجبر صاحبه على أن يرتكب ما لا يجوز في النثر.