للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إضمار فاعل نعم وبئس وتفسيره بالتمييز]

قال ابن مالك رحمه الله: [ويرفعان مضمراً يفسرُ مميز كنعم قوماً معشره] ولما قال رحمه الله: إنهما لا يرفعان إلا محلى بأل، أو مضافاً لمحلى بأل، ذكر أيضا: أنهما يرفعان مضمراً يفسره يعني: تمييز، والمعنى: ويجوز أن يكون فاعلهما ضميراً مفسرا بتمييز، مثاله: (نعم قوماً معشره).

وإعراب البيت: (يرفعان): فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف فاعل.

(مضمراً) مفعول به.

(يفسره) فعل مضارع، ومفعول به.

(مميز) فاعل، والجملة صفة لمضمر.

وقوله: (كنعم قوما معشره): (الكاف): حرف جر.

(نعم قوما معشره): اسم مجرور بالكاف، وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية.

لأن معنى قولنا: كنعم قوماً معشر، أي: كهذا المثال، فهو جملة في حكم المفرد.

وقال بعض المعربين: إن الكاف داخلة على مجرور محذوف، والتقدير: كقولك: نعم قوماً معشره.

وهذا وإن كان له وجه، لكنه ضعيف؛ لأنه يحتاج إلى تقدير محذوف، والأصل عدم الحذف.

فقوله: (كنعم قوماً معشره): (نعم): فعل ماض، و (قوماً): تمييز منصوب، والفاعل مستتر والتقدير: كنعم القوم قوماً.

(معشرُ): مبتدأ وهو المخصوص بالمدح، وهو مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه ضمة على آخره، و (معشر): مضاف و (الهاء): مضاف إليه مبني على الضم في محل جر، والجملة من (نعم قوماً): خبر مقدم.

فتبين أن نعم وبئس وما جرى مجراهما يحتاجان إلى فاعل، ويحتاجان إلى المخصوص بالمدح والذم.

فإن قيل: ألا نعرب (معشر) فاعلاً؟ نقول: لا يجوز ذلك؛ ولهذا يقول: يرفعان مضمراً يفسره مميز، فلو قلنا: (معشر) هي الفاعل لنعم لما رفع المضمر، بل يكون قد رفع الظاهر، ثم يفسد المعنى؛ لأنني أثني على قوم منهم معشره.

ولهذا يقال: إن نعم وبئس تدلان على العموم، ثم على الخصوص، يعني: إذا قلت: نعم القوم قوماً، فهذا عموم، ثم خصصت العشيرة.

ومثل: نعم الرجل زيد، فالرجل ليس بزيد، فـ (نعم الرجل) هذا شائع في جنس الرجال، ولهذا تعتبر (أل) هنا لاستغراق الجنس، ثم خص هذا الرجل بأنه زيد، فكأنه ذكر مرتين، مرة على سبيل العموم، ومرة على سبيل الخصوص، فلهذا لا بد أن نقول: إن التقدير: نعم القومُ قوما على سبيل العموم، ثم نخص ونقول: معشره.