[اسم الموصول للجمع المؤنث]
ثم قال: (باللات واللاء التي قد جمعا).
جمع المؤنث في الاسم الموصول له صيغتان: اللاتي واللاء.
فتقول: جاء النساء اللاتي قمن، ورأيت النساء اللائي قمن، قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء:١٥] وقال تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:٤].
قال: (واللاء كالذين نزراً وقعا).
(نزراً) يعني: قليلاً، و (الذين) صيغة لجماعة الذكور.
فيقول: إن اللاء قد تحل محل الذين، أي: تأتي لجماعة الذكور، وبناءً على ذلك يكون جماعة الذكور لهم ثلاث صيغ: الألى والذين واللاء، لكن هذا الأخير قليل، ومنه قول الشاعر: فما آباؤنا بأمن منه علينا اللاء قد مهدوا الحجورا الشاهد قوله: (اللاء قد مهدوا)، أي: الذين قد مهدوا الحجور.
فاسم الموصول الموضوع للمفرد المذكر (الذي) مبني على السكون، ومثله (التي) للمؤنث.
والموضوع للمثنى المذكر (اللذان) في حال الرفع، و (اللذين) في حال النصب والجر.
والموضوع للمثنى المؤنث (اللتان) في حال الرفع، و (اللتين) في حال النصب والجر، وتكون معربة على الراجح.
وجماعة الإناث (اللات واللاء) وهما مبنيان على الكسر.
وجماعة الذكور (الذين) مطلقاً، وفي لغة ترفع بالواو، يعني يقال: (الذون).
وإعراب (الذين) مبنية على الفتح، وعلى اللغة الأخرى (الذون) مرفوع وعلامة رفعه الواو، فهو اسم معرب، والذي جعله معرباً تغيره باختلاف العوامل.
مما يذكر هنا أن (اللات واللاء) يجوز فيهما الإشباع، بأن تمد الهمزة اللائي، أو تمد التاء: اللاتي، وهذا تغير صفة للأداة، وليس تغيراً جوهرياً.
إما أن تمد الهمزة حتى يتولد منها ياء، أو تمد التاء حتى يتولد منها ياء، وحينئذ تكون أربع صيغ.
يقول المؤلف: (واللاء كالذين نزراً وقعا) يعني: قليلاً.
وقول المؤلف: (وقعا) بالألف، والألف هنا ليس للتثنية، لكنه لإطلاق الروي.
وقوله: (واللاء كالذين نزراً وقعا) له تفسير آخر، وهو أن اللاء تأتي بالياء والنون، كما أتت الذين.
فتستعمل للمذكر لكن بالياء والنون على صيغتها الأصلية، فيقال: اللائين، كما يقال: الذين.
فيكون في قول ابن مالك رحمه الله هذا وجهان: الوجه الأول: أن اللاء بصيغتها هذه تحل محل الذين.
والوجه الثاني: أن اللاء تستعمل بمعنى الذين لكن تغير وتجعل بالياء والنون.
وعلى هذا قول الشاعر: وأنا من اللائين إن قدروا عفوا أو أتربوا جادوا وإن تربوا عفّوا فاللائين بمعنى الذين.
(إن قدروا عفوا) يعني: عفوا عمن ظلمهم بعد القدرة، وهذا هو العفو الذي يحمد.
(أتربوا) يعني: اغتنوا حتى كانت أموالهم كالتراب من كثرتها.
(جادوا) يعني: تكرموا على الناس بالجود.
(وإن تربوا) يعني: افتقروا.
عفوا: فلا يسألون الناس شيئاً، وهذا فخر عظيم، وهذه ثلاث خصال كلها كريمة.